( باب النهى عن المدح اذا كان فيه افراط وخيف منه فتنة على الممدوح
 
ذكر مسلم فى هذا الباب الأحاديث الواردة فى النهى عن المدح وقد جاءت أحاديث كثيرة فى الصحيحين بالمدح فى الوجه قال العلماء وطريق الجمع بينها أن النهى محمول على المجازفة فى المدح والزيادة فى الأوصاف أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب ونحوه اذا سمع المدح وأما من لايخاف عليه ذلك لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته فلا نهى فى مدحه فى وجهه اذا لم يكن فيه مجازفة بل إن كان يحصل بذلك مصلحة كنشطه للخير والازدياد منه أو الدوام عليه أو الاقتداء به كان مستحبا والله أعلم [ 3000 ] قوله ( ولا أزكى على الله أحدا ) أى لا أقطع على عاقبة أحد ولاضميره لأن ذلك مغيب عنا ولكن أحسب وأظن لوجود الظاهر المقتضى )
(18/126)

لذلك قوله صلى الله عليه و سلم ( قطعت عنق صاحبك ) وفى رواية قطعتم ظهر الرجل معناه أهلكتموه وهذه استعارة من قطع العنق الذى هو القتل لاشتراكهما فى الهلاك لكن هلاك هذا الممدوح فى دينه وقد يكون من جهة الدنيا لما يشتبه عليه من حاله بالإعجاب [ 3001 ] وقوله ( ويطريه فى المدحة ) هي بكسر الميم والاطراء مجاوزة الحد فى المدح [ 3002 ] قوله ( أمرنا
(18/127)

رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نحثى فى وجوه المداحين التراب ) هذا الحديث قد حمله على ظاهره المقداد الذى هو راويه ووافقه طائفة وكانوا يحثون التراب فى وجهه حقيقة وقال آخرون معناه خيبوهم فلا تعطوهم شيئا لمدحهم وقيل اذا مدحتم فاذكروا أنكم من تراب فتواضعوا ولا تعجبوا وهذا ضعيف قوله ( حدثنا الاشجعى عبيد الله بن عبيد الرحمن عن سفيان الثورى ) هكذا هو فى نسخ بلادنا بن عبيد الرحمن بضم العين مصغرا قال القاضي وقع لأكثر شيوخنا بن عبد الرحمن مكبرا والأول هو الصحيح وهو الذى ذكره البخارى وغيره
(18/128)