باب فى حديث الهجرة
 
ويقال له حديث الرحل الحاء [ 2009 ] قوله ( ينتقد ثمنه ) أى يستوفيه ويقال سرى وأسرى لغتان بمعنى وقائم الظهيرة نصف النهار وهو حال استواء الشمس سمى قائما لأن الظل لا يظهر فكأنه واقف قائم ووقع فى أكثر النسخ قائم الظهر بضم الظاء وحذف الياء قوله ( رفعت لنا صخرة ) أى ظهرت لأبصارنا قوله ( فبسطت عليه فروة ) المراد الفروة المعروفة التى تلبس هذا هو الصواب وذكر القاضي أن بعضهم قال المراد بالفروة هنا الحشيش فأنه يقال له فروة وهذا قول باطل ومما يرده قوله فى رواية البخارى فروة معى ويقال لها فروة بالهاء وفرو بحذفها وهو الأشهر فى اللغة وان كانتا صحيحتين قوله ( أنفض لك ما حولك ) أى أفتش لئلا يكون هناك عدو وقوله ( لمن أنت يا غلام فقال لرجل من أهل المدينة ) المراد بالمدينة هنا مكة ولم تكن مدينة النبى صلى الله عليه و سلم سميت بالمدينة انما كان اسمها يثرب هذا هو الجواب الصحيح وأما قول القاضي أن ذكر المدينة هنا وهم فليس كما قال بل هو صحيح والمراد بها مكة قوله ( أفى غنمك لبن ) هو
(18/148)

بفتح اللام والباء يعنى اللبن المعروف هذه الرواية مشهورة وروى بعضهم لبن بضم اللام واسكان الباء أى شياه وذوات ألبان قوله ( فحلب لى فى قعب معه كثيبة من لبن قال ومعى اداوة أرتوى فيها ) القعب قدح من خشب معروف والكثبة بضم الكاف واسكان المثلثة وهى قدر الحلبة قاله بن السكيت وقيل هي القليل منه والادواة كالركوة وأرتوى أستقى وهذا الحديث مما يسأل عنه فيقال كيف شربوا اللبن من الغلام وليس هو مالكه وجوابه من أوجه أحدها أنه محمول على عادة العرب أنهم يأذنون للرعاة اذا مر بهم ضيف أو عابر سبيل أن يسقوه اللبن ونحوه والثانى أنه كان لصديق لهم يدلون عليه وهذا جائز والثالث أنه مال حربى لاأمان له ومثل هذا جائز والرابع لعلهم كانوا مضطرين والجوابان الأولان أجود قوله ( برد أسفله ) هو بفتح الراء على المشهور وقال الجوهرى بضمها قوله ( ونحن فى جلد من الأرض ) هو بفتح الجيم واللام أى أرض صلبة
(18/149)

وروى جدد بدالين وهو المستوى وكانت الأرض مستوية صلبة قوله ( فارتطمت فرسه إلى بطنها ) أى غاصت قوائمها فى تلك الأرض الجلد قوله ( ووفى لنا ) بتخفيف الفاء قوله ( فساخ فرسه فى الأرض ) هو بمعنى ارتطمت قوله ( لأعمين على من ورائى ) يعنى لأخفين أمركم عمن ورائى ممن يطلبكم وألبسه عليهم حتى لايعلم أحد وفى هذا الحديث فوائد منها هذه المعجزة الظاهرة لرسول الله صلى الله عليه و سلم وفضيلة ظاهرة لابى بكر رضى الله عنه من وجوه وفيه خدمة التابع للمتبوع وفيه استصحاب الركوة والابريق ونحوهما فى السفر للطهارة والشرب وفيه فضل التوكل
(18/150)

على الله سبحانه وتعالى وحسن عاقبته وفيه فضائل للأنصار لفرحهم بقدوم رسول الله صلى الله عليه و سلم وظهور سرورهم به وفيه فضيلة صلة الأرحام سواء قربت القرابة والرحم أم بعدت وأن الرجل الجليل اذا قدم بلدا له فيه أقارب ينزل عندهم يكرمهم بذلك والله أعلم
(18/151)