عدمُ الاتِّعاظ والاعتبار بما يَرَى الإنسانُ في منامه
 
عدمُ الاتِّعاظ والاعتبار بما يَرَى الإنسانُ في منامه:
إنَّ من لطف الله بالعبد أن يريَه في منامه بعضَ الرُّؤَى التي تكون فيها موعظةٌ له؛ فينجو من شرٍّ أو يُقلع عن ذنب أو يَستبشر خيرًا بسببها؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لم يبقَ من النبوة إلا المبشرات»، قالوا: وما المبشِّرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة»(6).
قال المهلب: (التعبير بالمبشِّرات خرج للأغلب؛ فإنَّ من الرُّؤيا ما تكون منذرةً وهي صادقة يريها اللهُ للمؤمن رفقًا به؛ ليستعدَّ لما يقع قبل وقوعه)(7).
وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه و سلم: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا..»(8). ومع ذلك.. كم من شخص مقيم على كثير من الذُّنوب والآثام وهو يرى النُّذُرَ في المنام فلا يتَّعظ من تلك الرؤى بشيء، وصَدَقَ اللهُ حين أخبر عن قوم لم ينتفعوا بالنُّذُر أثناء يقظتهم؛ فكيف بمنامهم؟! قال تعالى: وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ.
ومنهم مَن تكون الرُّؤيا سببًا لهدايته ونجاةً لأسرته؛ فمن ذلك على سبيل المثال أنَّ أحدَهم رأى رجلاً أسودَ يزني بامرأته وهو يريد أن يصرخ به ولكن لا يخرج منه صوت إلى أن استيقظ، فلما سأل أحد المعبرين قال له: فورًا حطِّم الدِّشَّ الذي في بيتك. فأيقن أنَّ الرجلَ هو ذلك الدِّشّ، وأما زوجته المزنيُّ بها فكانت تنظر إلى هذا الدِّشِّ، وقد قال صلى الله عليه و سلم: «زنا العين النظر»، والأمثلة في هذا الجانب كثيرةٌ جدًّا ويطولُ ذكرُها.