ضعيفُ الإخلاص والإصابةُ بالعجب والغرور إذا وفِّق الإنسانُ للتَّأويل الصَّحيح
 
ضعيفُ الإخلاص والإصابةُ بالعجب والغرور إذا وفِّق الإنسانُ للتَّأويل الصَّحيح:
إنَّ من الناس مَن إذا فسَّر رؤيا وأصاب فيها التَّفسيرَ الصَّحيحَ أصبح يتحدَّث بذلك في المجالس وعند الأصحاب على جهة الإعجاب والغرور بالنَّفس، وليس على جهة الاعتراف بالنِّعمة؛ وهذا الصنفُ من الناس إن وُفِّق للصَّواب مرَّةً فسيخذل عن الحقِّ مرات وكرَّات؛ فالمؤمن إذا أصاب الحقَّ في كلِّ شيء فعليه أن ينسبَه إلى الله ويحمد الله الذي أوصله إلى فهمه ومعرفته، وتأمَّل قولَ يوسف : رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ.
ولا شكَّ أنَّ علمَ تفسير الرُّؤيا مدعاةٌ للإعجاب والانبهار من قبل الآخرين، ولكن على المعبِّر أن يواجهَ ذلك الإعجابَ بقوَّة الإخلاص لله، ولا يجعل هذا العلم من العلوم التي يتقرَّب بها إلى الناس وكسب إعجابهم وثنائهم؛ بل عليه أن يجعلَه من الأعمال التي يتقرَّب بها إلى الله؛ فكم من الأجر الذي ينالُك حينما تبشِّر المؤمنَ وتُدخل السُّرورَ على قلبه بتفسير تلك الرُّؤيا المبشِّرة التي رآها، ويكفيك قوله صلى الله عليه و سلم: «من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه دينًا، تقضي له حاجة، تنفس له كربه»(26).
وتذكَّر أنَّ ما آتاك اللهُ فهو اختبار لك وفتنة؛ فأخلص نيَّتَك لله؛ فمَن أخلص نيَّتَه لله حريٌّ أن يُوَفَّقَ للثَّواب والصَّواب.