الفهم الخاطئ في معنى أنَّ الرُّؤيا جزءٌ من النُّبوَّة
 
الفهم الخاطئ في معنى أنَّ الرُّؤيا جزءٌ من النُّبوَّة:
عن عبادة بن الصَّامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
«... رؤيا المؤمن جزء من ستَّة وأربعين جزءًا من النُّبُوَّة»(33)؛ فالرُّؤيا لا شكَّ أنَّها جزءٌ من النُّبوَّة؛ لكن ليس في التشريعات والأحكام؛ وإنَّما في ذكر بعض الأمور المستقبليَّة جزءٌ من النُّبُوَّة في الأخبار المستقبليَّة؛ فتلتقي الرُّؤيا مع النُّبوَّة في هذه الجزئيَّة؛ قال الشَّيخُ ابنُ عثيمين- رحمه الله: (معنى قوله صلى الله عليه و سلم : «رؤيا المؤمن جزءٌ من ستَّة وأربعين جزءاً من النُّبُوَّة». أنَّ رؤيا المؤمن تقع صادقة؛ لأنَّها أمثالٌ يضربها الملك للرَّائي، وقد تكون خبراً عن شيء واقع أو شيء سيقع مطابقاً للرُّؤيا؛ فتكون هذه الرُّؤيا كوحي النُّبُوَّة في صدق مدلولها، وإن كانت تختلف عنها...»(34)؛ فمن الخطأ إذاً أن يظنَّ الإنسانُ أنَّ الرُّؤيا كالنُّبُوَّة من جميع الوجوه.
فائدة: ورد أنَّ «الرُّؤيا الصَّالحةَ جزءٌ من خمسة وعشرين جزءًا من النُّبُوَّة»(35)، وورد أنَّها جزءٌ من سبعين جزءًا؛ قال الألبانيُّ: واعلم أنَّه لا منافاةَ بين قوله في هذا الحديث: أنَّ «الرؤيا الصالحة جزء من خمسة وعشرين»، وفي الحديث التَّالي: «جزء من ستة وأربعين»، وفي حديث ابن عمر: «جزء من سبعين»- رواه مسلم (7/54)- وغيره؛ فإنَّ هذا الاختلافَ راجعٌ إلى الرَّائي؛ فكلَّما كان صالحًا كانت النِّسبةُ أعلى، وقيل غير ذلك، فراجع شرحَ مسلم للإمام النَّوَويّ. اهـ.
وذكر القرطبيُّ (36) خمسةَ وجوه لإزالة ذلك الاضطراب أقربها الوجه الثاني؛ قال: إنَّ المرادَ بهذا الحديث أنَّ المنامَ الصَّادقَ خصلةٌ من خصال النُّبُوَّة كما جاء في الحديث الآخر: «التُّؤَدة والاقتصار وحسن السمت جزء من ستة وعشرين جزءًا من النبوة»(37).