اعتقادُ البعض بأنَّ الإنسانَ إذا كان بمنزلة عالية في الزُّهد والوَرَع والتَّقوى كانت خواطرُه ورؤاه كلُّها صادقةً وليس للشَّيطان عليه سبيلٌ
 
اعتقادُ البعض بأنَّ الإنسانَ إذا كان بمنزلة عالية في الزُّهد والوَرَع والتَّقوى كانت خواطرُه ورؤاه كلُّها صادقةً وليس للشَّيطان عليه سبيلٌ:
وهذا الخطأ أوقع أقوامًا على أن يعملوا بكلِّ ما تُمليه أفهامُهم ونفوسُهم من الرُّؤَى أو الخواطر بحجَّة أنَّهم أتقياء؛ ولا شكَّ أنَّ هذه خطَّةٌ شيطانيَّةٌ صاد بها الشَّيطانُ طوائفَ من النَّاس؛ كالصُّوفيَّة وغيرهم؛ فيبغض ويعادي الواحد منهم ويظنُّ بالآخرين بناءً على رؤى وخواطر وهواجس، ولله درُّ ابن القيِّم حين تكلَّم عن أرباب الزُّهد والتَّخَلِّي فقال: (ويقولون: القلب إذا كان محفوظاً مع الله كانت هواجسُه وخواطرُه معصومةً من الخطأ. وهذا من أبلغ كيد العدوِّ فيهم؛ فإنَّ الخواطرَ والهواجسَ ثلاثةُ أنواع: رحمانيَّة، وشيطانيَّة، ونفسانيَّة؛ كالرُّؤيا؛ فلو بلغ من الزُّهد من العباد ما بَلَغ فمعه شيطانُه ونفسُه لا يفارقانه إلى الموت، والشَّيطانُ يجري منه مجرى الدَّم، والعصمة إنَّما هي للرُّسُل (صلوات الله وسلامه عليهم) الذين هم وسائطُ بين الله وخلقه في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده، ومَن عداهم يصيبُ ويخطئُ، وليست بحجَّة على الخلق...)(43).