التسليم المطلق لقول المفسر وتصديقه مباشرة
 
التسليم المطلق لقول المفسر وتصديقه مباشرة:
فمن المعلوم أن الذين يفسرون الرُّؤَى ليسوا بأنبياء وليسوا بمعصومين؛ فقد يخطئ ذلك المفسِّرُ في تفسيره لبعض الرُّؤَى ولا يُنزل ذلك من قيمته؛ لأنَّ البشريَّةَ تستلزم ذلك وتقتضيه، ولما ذكر رجلٌ رؤيا للرَّسول صلى الله عليه و سلم قال أبو بكر: يا رسولَ الله بأبي أنت، والله لتدعنَّ فأعبرها. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه و سلم : «اعبرها..» فلمَّا عَبَرَها قال أبو بكر: «يا رسول الله بأبي أنت أصبتُ أم أخطأتُ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : «أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا»، والحديث في البخاريّ ومسلم والتِّرمذيِّ وأبي داود من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما.
قال ابنُ تيمية: «والخطأُ والغلطُ مع حسن القصد وسلامته وصلاح الرجل وفضله ودينه وزهده وورعه وكراماته كثيرٌ جدًا؛ فليس من شرط وليِّ الله أن يكون معصومًا من الخطأ والغلط؛ بل ولا من الذُّنوب، وأفضلُ أولياء الله بعد الرُّسُل أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه، وقد ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم أنَّه قال لما عبر الرُّؤيا: «أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا»(69).
وقد سبقتْ قصَّةُ القاضي شريك مع المهديّ حينما أراد المهديُّ ضربَ عُنُق شريك بناءً على رؤيا رآها المهديّ فعُبرت له بأنَّ شريكاً يُظهر لك الطَّاعة ويُضمر لك المعصية، فقال له شريك: والله ما رؤياك برؤيا إبراهيم الخليل ولا أنَّ معبرك بيوسف الصِّدِّيق(70).