كتمان الرُّؤَى الحَسَنَة وعدمُ محاولة تفسيرها والإخبار ببعض الرُّؤَى القبيحة ومحاولة تفسيرها
 
كتمان الرُّؤَى الحَسَنَة وعدمُ محاولة تفسيرها والإخبار ببعض الرُّؤَى القبيحة ومحاولة تفسيرها:
فكم من شخص يرى أحلاماً مزعجةً فيدعوه حبُّ الاستطلاع أو الخوف المذموم إلى إخبار الآخرين بها ومحاولة تفسيرها؛ وهذا لا شَكَّ أنَّه خلافُ السُّنَّة التي جاءت بالحثِّ على إظهار الرُّؤَى الحسنة لمن تحب، وكتمان الرُّؤَى القبيحة؛ فقد ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم أنَّه قال: «إذا رأى أحدُكم الرُّؤيا الحَسَنَة فَلْيُفَسِّرْها وَلْيُخْبر بها، وإذا رأى الرُّؤيا القبيحة فلا يُفَسِّرها ولا يُخْبر بها»(71)؛ فمَن ظَنَّ أنَّ الأفضلَ شرعًا أن لا يُفَسِّر الرُّؤيا أو أنَّ من التَّوَرُّع كتمانها فهذا مخالفٌ لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي ندب إلى تفسيرها والإخبار بها إذا كانت حسنةً؛ بل إنَّه صلى الله عليه و سلم كان يسألهم بعد صلاة الصُّبح: «هل رأى أحدٌ منكم رؤيا؟ فليقصّها أَعْبُرْها له». أمَّا إذا كانت رؤيا يكرهها فهنا الأفضل كتمانها، ولعلَّ الحكمةَ من كتمانها ما أشار إليه ابنُ حجر؛ حيث قال: (وأمَّا كتمُها مع أنَّها قد تكون صادقةً فخفيت حكمتُه، ويحتمل أن يكون لمخافة تعجيل اشتغال سرِّ الرَّائي بمكروه تفسيرها؛ لأنَّها قد تبطئ، فإذا لم يُخْبر بها زال تعجيلُ رَوْعه وتخويفها، ويَبْقَى إذا لم يَعْبُرْها له أحدٌ بين الطَّمَع في أنَّ لها تفسيرًا حسنًا، أو الرَّجاء في أنَّها من الأضغاث؛ فيكون ذلك أسكن لنفسه)(72).