10- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعاً وعشرين درجة، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا ينهزُهُ إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، فلم يخط خطوة إلارفع له بها درجة، وحُطَّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة، ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه)) (42) [ متفق عليه] . وهذا لفظ مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم : ((يَنْهَزُهُ)) هو بفتح الياء والهاء، وبالزاي : أي يُخرجه وينهضه.
 
إذا صلى الإنسان في المسجد مع الجماعة كانت هذه الصلاة أفضل من الصلاة في بيته أو في سوقه سبعاً وعشرين مرة؛ لأن الصلاة مع الجماعة قيام بما أوجب الله من صلاة الجماعة.
فإن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة فرض عين؛ وأنه يجب على الإنسان أن يصلي مع الجماعة في المسجد، لأحاديث وردت في ذلك، ولما أشار الله إليه - سبحانه وتعالى- في كتابه حين قال: ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ...﴾ الآية.[النساء:102] .
فأوجب الله الجماعة في حال الخوف، فإذا أوجبها في حال الخوف؛ ففي حال الأمن من باب أولى وأحرى.
ثم ذكر السبب في ذلك : ((بأن الرجل إذا توضأ في بيته فأسبغ الوضوء، ثم خرج من بيته إلى المسجد لا ينهزه، أو لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة))، سواء أقرب مكانه من المسجد أم بعد، كل خطوة يحصل بها فائدتان:
الفائدة الأولى: أن الله يرفعه بها درجة.
والفائدة الثانية: أن الله يحطُّ بها خطيئة، وهذا فضل عظيم. حتى يدخل المسجد؛ فإذا دخل المسجد فصلى ما كتب له، ثم جلس ينتظر الصلاة؛ ((فإنه في صلاة ما انتَظَرَ الصلاة)) ؛ وهذه أيضاً نعمة عظيمة ؛ لو بَقِيْتَ منتظراً للصلاة مدة طويلة، وأنت جالس لا تصلي، بعد أن صليت تحية المسجد، وما شاء الله - فإنه يحسب لك أجر الصلاة.
وهناك أيضاً شيء رابع: أن الملائكة تصلي عليه ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، تقول (اللهم صلِّ عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه)) وهذا أيضاً فضل عظيم لمن حضر بهذه النية وبهذه الأفعال.
والشاهد من هذا الحديث قوله: ((ثم خرج من بيته إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة)) فإنه يدل على اعتبار النية في حصول هذا الأجر العظيم.
أما لو خرج من بيته لا يريد الصلاة، فإنه لا يكتب له هذا الأجر؛ مثل أن يخرج من بيته إلى دكانه؛ ولما أذن ذهب يصلي؛ فإنه لا يحصل على هذا الأجر؛ لأن الأجر إنما يحصل لمن خرج من البيت لا يخرجه إلا الصلاة.
لكن ربما يكتب له الأجر من حين أن ينطلق من دُكّانه، أو من مكان بيعه وشرائه إلى أن يصل إلى المسجد ؛ ما دام انطلق من هذا المكان وهو على طهارةٍ. والله الموفق.



(42) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، رقم ( 647). ومسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، رقم (649).

الموضوع التالي


11- وعن أبي العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب- رضي الله عنهما- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه- تبارك وتعالى- قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله- تبارك وتعالى- عنده حسنة كاملة ، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة)) (43) [متفق عليه] .