39- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من يُرد الله به خيراً يُصب منه)) (134) [رواه البخاري] .
 
قوله: ((يُصب)) قُرئت بوجهين : بفتح الصاد( يصَب) وكسرها ( يصِب) وكلاهما صحيح.
أما ((يصب منه)) فالمعنى أن الله يُقدِّر عليه المصائب حتى يبتليه بها: أيصبر أم يضجر. وأما (( يصب منه)) فهي أعم، أي: يصاب من الله ومن غيره.
ولكن هذا الحديث المطلق مقيد بالأحاديث الأخرى التي تدل على أن المراد: من يرد الله به خيراً فيصبر ويحتسب، فيصيب الله منه حتى يبلوه.
أما إذا لم يصبر فإنه قد يصاب الإنسان ببلايا كثيرة وليس فيه خير، ولم يرد الله به خيراً.
فالكفار يصابون بمصائب كثيرة، ومع هذا يبقون على كفرهم حتى يموتوا عليه، وهؤلاء بلا شك لم يرد بهم خيرا.
لكن المراد: من يرد الله به خيراً فيصيب منه فيصبر على هذه المصائب، فإن ذلك من الخير له، لأنه سبق أن المصائب يكفر الله بها الذنوب ويحط بها الخطايا، ومن المعلوم أن تكفير الذنوب والسيئات وحط الخطايا لا شك أنه خير للإنسان، لأن المصائب غاية ما فيها أنها مصائب دنيوية تزول بالأيام ، كلما مضت الأيام خفَّت عليك المصيبة، لكن عذاب الآخرة باقٍ- والعياذ بالله- فإذا كفر الله عنك بهذه المصائب صار ذلك خيراً لك.



(134) أخرجه البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، رقم (5645)

الموضوع السابق


37- وعن أبي سعيد وأبي هريرة- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يُصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب ، ولا هَمٍّ ولا حَزَنٍ، ولا أذى ولا غَمٍ، حتى الشوكة يُشاكُها ، إلا كَفَّرَ الله بها من خطاياه)) (132) [ متفق عليه] ، ((والوَصَبُ)): المرض 38- وعن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعَكُ ، فقلت: يا رسول الله ، إنك توعك وعكا شديداً قال: (( أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم)) قلت: ذلك أن لك أجرين؟ قال: (( أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى ؛ شوكة فما فوقها، إلا كفر الله بها سيئاته، وحُطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها)) (133) [ متفق عليه] . و(( الوعك)) مَغْثُ الحمى، وقيل: الحمى.