معنى الإحسان
 

ثم قال عمر- رضي الله عنه- فيما نقله عن جبريل- عليه الصلاة والسلام- قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ((أخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)). الإحسان: ضدُّ الإساءة، والمراد بالإحسان هنا إحسان العمل، فبيَّن النبي - عليه الصلاة والسلام - أن الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، يعني: تُصَلِّي وكأنك ترى الله عز وجل، وتزكِّي وكأنك تراه، وتصوم وكأنك تراه، وتحج وكأنك تراه، تتوضأ وكأنك تراه، وهكذا بقية الأعمال. وكون الإنسان يعبد الله كأنه يراه دليل على الإخلاص لله- عز وجل - وعلى إتقان العمل في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن كل من عبد الله على هذا الوصف فلا بد أن يقع في قلبه من محبَّةِ الله وتعظيمه ما يحمله على إتقان العمل وإحكامه. ((فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) أي: فإن لم تعبد الله على هذا الوصف فاعبده على سبيل المراقبة والخوف((فإنه يَرَاك)) ومعلوم أن عبادة الله على وجه الطلب أكمل من عبادته على وجه الهرب! فها هنا مرتبتان: المرتبة الأولى: أن تعبد الله كأنك تراه، و هذه مرتبة الطلب. والثانية: أن تعبد الله وأنت تعلم أنه يراك، وهذه مرتبة الهرب، وكلتاهما مرتبتان عظيمتان، لكن الأولى أكمل وأفضل.