التاسع: عن عمر - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يُسألُ الرجل فيمَ ضَرَبَ امرأته)) رواه أبو داود وغيره (303).
 
تساهل المؤلف - رحمه الله- في هذا الحديث حيث قال: (( رواه أبو داود وغيره))، لأن الغير يشمل جميع من خرَّج الأحاديث، وإن كان مثل هذه الصيغة لا يذكر الأعلى، فمثلا إذا قيل : ((رواه أبو داود وغيره)) فيعني ذلك أنه لم يروه البخاري ولا مسلم ولا من هو أعلى من أبي داود، و إنما رواه أبو داود وغيره ممَّن هو دونه. ومعنى الحديث: أن الرجل المتقي الله- عز وجل - الذي انتهى به الأمر إلى آخر المراتب الثلاث التي أشار الله إليها في قوله :﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيرًا﴾[النساء:34]، فالضرب آخر المراتب، فقد يضرب الرجل زوجته على أمر يستحيا من ذكره، فإذا عُلِمَ تقوى الرجل لله- عز وجل - وضرب امرأته فإنه لا يسأل، هذا إن صحَّ الحديث، ولكن الحديث ضعيف. أما من كان سيئ العشرة فهذا يُسأل فيمَ ضرب امرأته، لأنه ليس عنده من تقوى الله تعالى ما يردعُه عن ظلمها وضربها، حيث لا تستحقُّ أن تُضرب. والله الموفق(304).



(303) رواه الإمام أحمد(1/20) و أبو داود، كتاب النكاح، باب في ضرب النساء، رقم(2147) و ابن ماجه، كتاب النكاح، باب ضرب النساء، رقم(1986)و ضعفه الألباني في الإرواء، رقم(2034) .
(304) هذا الحديث لم يعلق عليه فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- في الجامع أثناء قراءة كتاب((رياض الصالحين)) لهذا عرض الشيخ فهد بن ناصر السليمان جزاه الله خيرًا - على فضيلته - رحمه الله تعالى - أن يشرح هذا الحديث لخفاء معناه على كثير من الناس فأملى عليه- رحمه الله تعالى - ما هو مدون أعلاه، و ذلك من فضل الله تعالى.

الموضوع التالي


التقوى اسم مأخوذ من الوقاية، وهو أن يتخذ الإنسان ما يَقِيه من عذاب الله. والذي يقيك من عذاب الله هو فعل أوامر الله ،واجتناب نواهيه ،فإن هذا هو الذي يقي من عذاب الله عز وجل، أن تأخذ أوامر الله وأن تترك ما نهى عنه. واعلم أن التقوى أحيانا تقترن بالبر، فيقال بر وتقوى كما في قوله تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة:2]. وتارة تُذكر وحدها، فإذا قرنت بالبر صار البر فعل الأوامر واجتناب النواهي. وإذا أفردت صارت شاملة؛ تعم فعل الأوامر واجتناب النواهي، وقد ذكر الله - تعالى - في كتابه أن الجنة أُعدَّت للمتقين، فأهل التقوى هم أهل الجنة- جعلنا الله منهم - ولذلك يجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل، امتثالا لأمره وطلبا لثوابه والنجاة من عقابه. ثم ذكر المؤلف آيات متعددة فقال رحمه الله: قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ [آل عمران:102]. وقال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:16]، وهذه الآية مبينة للمراد من الأولى. وقال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾ [الأحزاب:70]، والآيات في الأمر بالتقوى كثيرة معلومة، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق:3،2]، وقال تعالى: ﴿إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال:29]، والآيات في الباب كثيرة ومعلومة.