وقال تعالى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه) .
 
ثم ينقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في سياق الآيات في باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها قوله تعالى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه) من يطع الرسول محمد صلى اله عليه وسلم فقد أطاع الله .
والطاعة : موافقة الأمر ، سواء كان ذلك في فعل المأمور أو ترك المحذور ، فإذا قيل طاعة ومعصية فالطاعة لفعل المأمور والمعصية لفعل المحذور .
أما إذا قيل : طاعة على سبيل الإطلاق ، فإنها تشمل الأوامر والنواهي ، يعني أن امتثال الأوامر طاعة واجتناب النواهي طاعة ، فالذي يطيع النبي صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه ، أي إذا أمره امتثل ، وإذا نهاه اجتنب ، فإنه يكون مطيعاً لله عز وجل ، هذا منطوق الآية ، ومفهومها : أن من يعص الرسول فقد عصى الله .
وفي هذه الآية دليل على أن ما ثبت في السنة ، فإنه كالذي ثبت في القرآن ، أي أنه من شريعة الله ويجب التمسك به ، ولا يجوز لأحد أن يفرق بين الكتاب والسنة ، ولقد أخبر النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ محذراً ؛ حينما قال : ( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته ، يأتيه الأمر من عندي فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه )(204) ، يعني إنه يحذر من أنه ربما يأتي زمان على الناس يقولون : لا نتبع إلا ما في القرآن ، أما ما في السنة فلا تأخذ به .
وهذا أمر قد وقع ، فوجد من الملاحدة من يقول : لا نقبل السنة ، لا نقبل إلا القرآن ، والحقيقة لأنهم كذبة ، فإنهم لم يقبلوا لا السنة ولا القرآن ، لأن القرآن يدل على وجوب اتباع السنة ، وأن ما جاء في السنة كالذي جاء في القرآن ، ولكنهم يموهون على العامة ، ويقولون : إن السنة ما دامت ليست قرآناً يتلى ويتواتر بين المسلمين ، فإن ما فيها قابل للشك ، وقابل للنسيان ، وقابل للوهم وما أشبه ذلك . والله الموفق .


(204) أخرجه أبو داود ، كتاب السنة ، باب في لزوم السنة ، رقم (4605)، والترمذي ، كتاب العلم ، باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، رقم ( 2663) وقال : حديث حسن صحيح .