180- وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الخازن المسلم الأمينُ الذي ينفذ ما أمره به فيعطيه كاملاً موفرا، طيبة به نفسهُ فيدفعه إلى الذي أمر له به أحدُ المتصدقين" متفق عليه[263]. وفي رواية :" الذي يُعطي ما أمر به" وضبطوا " المتصدقين" بفتح القاف مع كسر النون على التثنية، وعكسه على الجمع، وكلاهما صحيحٌ.
 
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فما نقله عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الخازنُ المسلمُ الأمينُ الذي ينفذُ ما أمر به ، فيعطيه كاملاً موفراً، طيبةً به نفسه فيدفعُه إلى الذي أُمر به أحدُ المتصدقين" متفق عليه.
الخازن مبتدأ ، وأحد المتصدقين خبر، يعني أن الخازن الذي جمع هذه الأوصاف الأربعة: المسلم ، الأمين ، الذي ينفذ ما أمر به ، طيبة بها نفسه.
فهو مسلم احترازاً من الكافر، فالخازن إذا كان كافراً وإن كان أميناً وينفذ ما أُمر به ليس له أجر؛ لأن الكفار لا أجر لهم في الآخرة فيما عملوا من الخير، قال الله تعالى : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) (الفرقان:23) ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(البقرة: 217) ، أما إذا عمل خيراً ثم أسلم فإنه يسلم على ما أسلف من خير ويعطى أجره.
الوصف الثاني: الأمين يعني الذي أدى ما ائتمن عليه، فحفظ المال ، ولم يفسده، ولم يفرط فيه، ولم يعتد فيه.
الوصف الثالث: الذي ينفذ ما أمر به يعني يفعله؛ لأن من الناس من يكون أميناً لكنه متكاسل ، فهذا أمين ومنفذ يفعل ما أمر به، فيجمع بين القوة والأمانة.
الوصف الرابع: أن تكون طيبة به نفسه، إذا نفذ وأعطى ما أمر به أعطاه وهو طيبة به نفسه، يعني لا يمن على المعطى، أو يظهر أن له فضلاً عليه بل يعطيه طيبة به نفسه، فهذا يكون أحد المتصدقين مع أنه لم يدفع من ماله فلساً واحداً.
مثال ذلك: رجل عنده مال، وكان - أمين صندوق للمال- مسلماً أميناً، ينفذ ما أمره به، ويعطيه صاحبه طيبة به نفسه، فإذا قال له صاحب الصندوق: يا فلان أعطِ هذا الفقير عشرة آلاف ريال،فأعطاه على الوصف الذي قال النبي صلي الله عليه وسلم فإنه يكون كالذي تصدق بعشرى آلاف ريال من غير أن ينقص من أجر المتصدق شيئاً ، ولكنه فضل من الله عزّ وجلّ.
ففي هذا الحديث دليلٌ على فضل الأمانة ، وعلى فضل التنفيذ فيما وُكل فيه وعدم التفريط فيه، ودليلٌ على أن التعاون على البر والتقوى يكتب لمن أعان مثل ما يكتب لمن فعل، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، والله الموفق.



263 أخرجه البخاري ، كتاب الزكاة، باب أجر الخادم إذا تصدق بأمر صحابه..، رقم (1438)، ومسلم كتاب الزكاة، باب أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت، رقم (1023).