1/273 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( استوصوا بالنساء خيراً ؛ فإن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء )) متفق عليه (72) . وفي رواية في (( الصحيحين ))( المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها ، وإن استمتعت بها ، استمتعت وفيها عوج )) (73) . وفي رواية لمسلم : (( إن المرأة خلقت من ضلع ، لن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها )) (74) . قوله : (( عوج )) هو بفتح العين والواو .
 
ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه في معاشرة النساء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( استوصوا بالنساء خيراً )) يعني : اقبلوا هذه الوصية التي أوصيكم بها ، وذلك أن تفعلوا خيراً مع النساء ؛ لأن النساء قاصرات في العقول ، وقاصرات في الدين ، وقاصرات في التفكير ، وقاصرات في جميع شئونهن ، فإنهن خلقن من ضلع .
وذلك أن آدم عليه الصلاة والسلام خلقه الله من غير أب ولا أم ، بل خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ، ولما أراد الله تعالى أن يبث من هذه الخليقة ، خلق منه زوجه ، فخلقها من ضلعه الأعوج ، فخلقت من الضلع الأعوج ، والضلع الأعوج إن استمتعت به استمتعت به وفيه العوج ، وإن ذهبت تقيمه انكسر .
فهذه المرأة أيضاً إن استمتع بها الإنسان استمتع بها على عوج ، فيرضى بما تيسر ، وإن أراد أن تستقيم فإنها لن تستقيم ، ولن يتمكن من ذلك ، فهي وإن استقامت في دينها فلن تستقيم فيما تقتضيه طبيعتها ، ولا تكون لزوجها على ما يريد في كل شيء ، بل لابد من مخالفة ، ولابد من تقصير ، مع القصور الذي فيها .
فهي قاصرة بمقتضى جبلتها وطبيعتها ، ومقصرة أيضاً ، فإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها ، يعني معناه أنك إن حاولت أن تستقيم لك على ما تريد فلا يمكن ذلك ، وحينئذ تسأم منها وتطلقها ، فكسرها طلاقها .
وفي هذا توجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاشرة الإنسان لأهله ، وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفو ما تيسر ، كما قال تعالى : ( خُذِ الْعَفْوَ ) يعني ما عفى وسهل من أخلاق الناس ( وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الأعراف: 199] .
ولا يمكن أن تجد امرأة مهما كان الأمر سالمة من العيب مائة بالمائة ، أو مواتية للزوج مائة بالمائة ، ولكن كما أرشد النبي عليه الصلاة والسلام استمتع بها على ما فيها من العوج .
وأيضاً إن كرهت منها خلقاً رضيت منها خلقاً آخر ، فقابل هذا بهذا مع الصبر ، وقد قال الله تعالى : ( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)[النساء: 19] .


(72) رواه البخاري ، كتاب أحاديث الأنبياء ، باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته ، رقم ( 3331 ) ، ومسلم ، كتاب الرضاع ، باب الوصية بالنساء ، رقم ( 1468 ) [ 60 ] .
(73) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب الدارة مع النساء ، رقم ( 5184 ) ، ومسلم ، كتاب الرضاع ، باب الوصية بالنساء ، رقم ( 148 ) [ 65 ] .
(74) رواه مسام ، كتاب الرضاع ، باب الوصية بالنساء ، رقم ( 1468 ) [ 59 ] .

الموضوع التالي


2/274 ـ وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، وذكر الناقة والذي عقرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا) انبعث لها رجل عزير ، عارم منيع في رهطه)) ثم ذكر النساء ، فوعظ فيهن ، فقال : (( يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من أخر يومه )) ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة وقال : (( لم يضحك أحدكم مما يفعل ؟ )) متفق عليه (75) . (( والعارم )) بالعين المهملة والراء : هو الشرير المفسد . وقوله : (( انبعث )) أي : قام بسرعة .