7/279 ـ وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تضربوا إماء الله )) فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ذئرن النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون ازواجهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لقد أطاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم )) رواه أبو داود (87) بإسناد صحيح . قوله : (( ذئرن )) هو بذال معجمة مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم راء ساكنة ثم نون ، أي : اجترأن ، قوله : (( أطاف )) أي : أحاط . 8/280 وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة )) رواه مسلم (88) .
 
ذكر رحمه الله تعالى فيما نقله فيما يتعلق بأمر النساء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(( لا تضربوا إماء الله )) يريد بذلك النساء ، فيقال : أمة الله كما يقال عبد الله ، ويقال : إماء الله كما يقال عباد الله ، ومن ذلك الحديث الصحيح : (( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله )) (89) .
نهاهم عن ضرب النساء ، فكفوا عن ذلك ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا من الطراز الأول والجيل الأول المفضل ، الذين إذا دعوا إلى الله ورسوله قالوا : سمعنا وأطعنا ، فكفوا عن ضرب النساء . والنساء قاصرات عقل وناقصات دين .
فلما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ضربهن ، اجترأن على أزواجهن ، كما قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله إن النساء ذئرن على أزواجهن ، يعني اجترأن وتعالين على الرجال ، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال عمر ؛ أجاز ضربهن ، فأفرط الرجال في ذلك وجعلوا يضربونهن حتى وإن لم يكن ذلك من حقهم فطافت النساء بآل النبي صلى الله عليه وسلم ، أي ببيوته ، وجعلن يتجمعن حول بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يشكون أزواجهن .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس يخبرهم بأن هؤلاء الذين يضربون أزواجهن ليسوا بخيارهم ، أي ليسوا بخيار الرجال ، وهذا كقوله : (( خيركم خيركم لأهله )) فدل هذا على أن الإنسان لا يفرط ولا يفرط في ضرب أهله ؛ إن وجد سبباً يقتضي الضرب فلا بأس .
وقد بين الله عز وجل مراتب ذلك في كتابه فقال : ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) [النساء: 34] .
المرتبة الثالثة : الضرب ، وإذا ضربوهن فليضربوهن ضرباً غير مبرح .
ثم ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة )) فقوله صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا متاع )) يعني شيء يتمتع به ، كما يتمتع المسافر بزاده ثم ينتهي ، وخير متاعها المرأة الصالحة ؛ إذا وفق الإنسان لامرأة صالحة في دينها وعقلها فهذا خير متاع الدنيا ؛ لأنها تحفظه في سره وماله وولده .
وإذا كانت صالحة في العقل أيضاً ، فإنها تدبر له التدبير الحسن في بيته وفي تربية أولادها ، إن نظر إليها سرته ، وإن غاب عنها حفظته ، وإن وكل إليها لم تخنه ، فهذه المرأة هي خير متاع الدنيا .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، وحسبها ، وجمالها ، ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) (90) ، يعني عليك بها ، فإنها خير من يتزوجه الإنسان ؛ فذات الدين وإن كانت غير جميلة الصورة ، لكن يجملها خلقها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .


(87) رواه أبو داود ، كتاب النكاح ، باب في ضرب النساء رقم ( 2146 ) ، وابن ماجه ، كتاب النكاح ، باب ضرب النساء رقم ( 1985 ) .
(88) رواه مسلم ، كتاب الرضاع ، باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة ، رقم ( 1467 ) .
(89) رواه البخاري ، كتاب الجمعة ، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء ، ومسلم ، كتاب الصلاة ، باب خروج النساء إلى المساجد . . . ، رقم ( 442 ) [ 136 ] .
(90) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب الأكفاء في الدين ، رقم ( 5090 ) ، ومسلم ، كتاب الرضاع ، باب استحباب نكاح ذات الدين ، رقم ( 1446 ) .


الموضوع التالي


35 ـ باب حق الزوج على المرأة قال الله تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء: 34] . وأما الأحاديث فمنها حديث عمرو بن الأحوص السابق في الباب قبله . 1/281 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها ؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح )) متفق عليه (91) . وفي راوية لهما : (( إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها ؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح )) (92) . وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها )) (93) .