8/288 ـ وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)) متفق عليه (102) .
 
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ في نقله عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء )) .
والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر بأنه ما ترك فتنة أضر على الرجال من النساء ، وذلك أن الناس كما قال تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ) [آل عمران: 14] .
كل هذه مما زين للناس في دنياهم ، وصار سبباً لفتنتهم فيها ، لكن أشدها فتنة النساء ، ولهذا بدأ الله بها فقال : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ) [آل عمران: 14] .
وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك يريد به الحذر من فتنة النساء ، وأن يكون الناس منها على حذر ؛ لأن الإنسان بشر إذا عرضت عليه الفتن ، فإنه يخشى عليه منها .
ويستفاد منه سد كل طريق يوجب الفتنة بالمرأة ، فكل طريق يوجب الفتنة بالمرأة ؛ فإن الواجب على المسلمين سده ، ولذلك وجب على المرأة أن تحتجب عن الرجال الأجانب ، فتغطي وجهها ، وكذلك تغطي يديها ورجليها عند كثير من أهل العلم ، ويجب عليها كذلك أن تبتعد عن الاختلاط بالرجال ؛ لأن الاختلاط بالرجال فتنة وسبب للشر من الجانبين ، من جانب الرجال ومن جانب النساء .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )) (103) وما ذلك إلا من أجل بعد المرأة عن الرجال ، فكلما بعدت فهو خير وأفضل .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد ، ولكنهن لا يختلطن مع الرجال ، بل يكون لهن موضع خاص ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب الرجال وانتهى من خطبتهم ، نزل فذهب إلى النساء فوعظهن وذكرهن ، وهذا يدل على أن النساء كنّ في مكان منعزل عن الرجال .
وكان هذا والعصر عصر قوة في الدين وبُعد عن الفواحش ، فكيف بعصرنا هذا ؟
فإن الواجب توقي فتنة النساء بكل ما يستطاع ، ولا ينبغي أن يغرنا ما يدعو إليه أهل الشر والفساد من المقلدين للكفار ، من الدعوة إلى اختلاط المرأة بالرجال ؛ فإن ذلك من وحي الشيطان والعياذ بالله ، هو الذي يزين ذلك في قلوبهم ، وإلا فلا شك أن الأمم التي كانت تقدم النساء وتجعلهن مع الرجال مختلطات ، لا شك أنها اليوم في ويلات عظيمة من هذا الأمر ، يتمنون الخلاص منه فلا يستطيعون .
ولكن مع الأسف فإن بعض الناس منا ومن أبنائنا ومن أبناء جلدتنا يدعون إلى التحلل من مكارم الأخلاق ، وإلى جلب الفتن إلى بلادنا ، في توسع النساء ، ومحاولة توظيفهن مع الرجال جنباً إلى جنب ، نسأل الله تعالى أن يعصمنا والمسلمين من الشر والفتن إنه جواد كريم .



(102) رواه البخاري ، كتاب النكاح ، باب ما يتلقى من شؤم المرأة ، رقم ( 5096 ) ، ومسلم ، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار . . ، باب أكثر أهل الجنة الفقراء . . . ، رقم ( 2740) .
(103) رواه مسلم ، كتاب الصلاة ، باب تسوية الصفوف . . . ، رقم ( 440 )

الموضوع التالي


36ـ باب النفقة على العيال قال الله تعالى : ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة:233] ، وقال تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَئهَا)[الطلاق:7]، وقال تعالى ( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سـبأ:39] .

الموضوع السابق


3/283 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ، والأمير راع ، والرجل راع على أهل بيته ، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده ، فكلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته )) متفق عليه (98) . 4/284 ـ وعن أبي على طلق بن على رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور )) رواه الترمذي والنسائي (99) وقال الترمذي : حديث حسن صحيح . 5/285 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها )) رواه الترمذي (100) ، وقال : حديث حسن صحيح . 6/286 ـ وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة )) رواه الترمذي (101) ، وقال حديث حسن .