20/331 ـ وعن أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً قال : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني من النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم )) متفق عليه(154) . 21/332 ـ وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أفطر أحدكم ، فيفطر على تمر ، فإنه بركة ، فإن لم يجد تمراً ، فالماء ، فإنه طهور )) ، وقال : (( الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم ثنتان : صدقة وصلة )) . رواه الترمذي وقال : حديث حسن (155). 22/333 وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كانت تحتي امرأة ، وكنت أحبها ، وكان عمر يكرهها فقال لي : طلقها ، فأبيت ، فأتى عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( طلقها )) رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح (156) . 23/334 ـ وعن أبي الدر داء رضي الله عنه أن رجلاً أتاه فقال : إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الوالد أوسط أبواب الجنة ، فإن شئت ، فأضع ذلك الباب أو احفظه )) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (157) . 24/335 ـ وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((الخالة بمنزلة الأم )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح (158) . وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة ؛ منها أصحاب الغار، وحديث جريج وقد سبقا ، وأحاديث مشهورة في الصحيح حذفتها اختصاراً ، ومن أهمها حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه ، الطويل المشتمل على جمل كثيرة من قواعد الإسلام وآدابه وسأذكره بتمامه إن شاء الله تعالى في باب الرجاء قال فيه : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، في أول النبوة فقلت له : ما أنت ؟ قال : (( نبي )) فقلت وما نبي ؟ قال : (( أرسلني الله تعالى )) فقلت بأي شي أرسلك ؟ قال : (( أرسلني بصلة الأرحام ، وكسر الأوثان ، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء )) وذكر تمام الحديث (159) . والله أعلم .
 
هذه الأحاديث في بيان صلة الرحم وبر الوالدين .
منها حديث خالد بن زيد الأنصاري ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار ، فقال له : (( تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم )) . والشاهد هنا حيث قال : (( تصل الرحم )) ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلة الرحم من الأسباب التي تدخل الإنسان الجنة وتباعده عن النار .
ولا شك أن كل إنسان يسعى إلى هذا الكسب العظيم ؛ أن ينجو من النار ويدخل الجنة ، فإن من زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، وكل مسلم يسعى إلى ذلك ، وهذا يحصل بهذه الأمور الأربعة :
الأول : تعبد الله لا تشرك به شيئاً ؛ لا شركاً أصغر ولا شركاً أكبر .
الثاني : تقيم الصلاة ، وتأتي بها كاملة في أوقاتها مع الجماعة إن كنت رجلا، ودون الجماعة أن كانت امرأة.
والثالث : تؤتي الزكاة ، بأن تؤدي ما أوجب الله عليك من الزكاة في مالك إلى مستحقه .
والرابع : تصل الرحم ؛ بأن تؤتيهم حقهم بالصلة حسب ما يتعارف الناس ، فما أعده الناس صلة فهو صلة ، وما لم يعدوه صلة فليس بصلة ، إلا إذا كان الإنسان في مجتمع لا يبالون بالقرابات ، ولا يهتمون بها ، فالعبرة بالصلة نفسها المعتبرة شرعاً .
ثم ذكر حديث سلمان بن عامر الضبي في الإفطار على التمر ، فإن لم يجد فعلى ماء ، وأن الصدقة على الفقير صدقة ، وعلى ذي القرابة ثنتان : صدقة وصلة .
ولهذا قال العلماء : إذا اجتمع فقيران أحدهما من قرابتك والثاني من غير قرابتك ، فالذي من قرابتك أولى ؛ لأنه أحق بالصلة .
ثم ذكر حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان له امرأة يحبها ، فأمره أبوه أن يطلقها ، لكنه أبى ذلك ؛ لأنه يحبها ، فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر ابن عمر بطلاقها .
وكذلك الحديث الآخر في امرأة كانت تأمر ابنها بطلاق زوجته فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم أو بر الوالدين سبب لدخول الجنة ، وهو إشارة إلى أنه إذا بر والدته بطلاق زوجته كان ذلك سبباً لدخول الجنة .
ولكن ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته ؛ فإن رجلاً سأل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، قال إن أبي يقول : طلق امرأتك ، وأنا أحبها ، قال : لا تطلقها ، قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر ، فقال له الإمام أحمد : وهل أبوك عمر ؟ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي ، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه ؛ لأنه من المستحيل أن عمر بأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي . فهذا بعيد .
وعلى هذا فإذا أمرك أبوك أو أمك بأن تطلق امرأتك ، وأنت تحبها ولم تجد عليها مأخذاً شرعياًَ ، فلا تطلقها ؛ لأن هذه من الحاجات الخاصة التي لا يتدخل أحد فيها بين الإنسان وبين زوجته .



(154) رواه البخاري ، كتاب الزكاة ، باب وجوب الزكاة ، رقم ( 1396) ، ومسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة . . . ، رقم ( 13 ) .
(155) رواه الترمذي ، كتاب الزكاة ، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة ، رقم ( 658 ) ، وأبو داود، كتاب الصوم ، باب ما يفطر عليه ، رقم ( 2355 ) ، وابن ماجه ، باب ما جاء على يستحب الفطر ، رقم ( 1699) .
(156) رواه الترمذي ، كتاب الطلاق ، باب ما جاء في الرجل يسأله أبوه أن يطلق زوجته ، رقم ( 1189 ) ، وأبو داود ، كتاب الأدب ، باب في بر الوالدين ، رقم ( 5138 ) .
(157) رواه الترمذي ، كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في عقوق الوالدين ، رقم ( 1901 ) .
(158) رواه الترمذي ، كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في دعوة الوالدين ، رقم ( 1905 ) .
(159) رواه مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب إسلام عمرو بن عبسة ، رقم ( 832 ) .


الموضوع التالي


41 ـ باب تحريم العقوق وقطيعة الرحم قال الله تعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) [محمد : 22 ، 23] . وقال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [الرعد:25] . وقال الله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) [الإسراء: 23 ، 24] . 1/336 ـ وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر )) ـ ثلاثاً ـ قلنا : بلى يا رسول الله . قال : (( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين )) وكان متكئاً فجلس فقال : (( ألا وقول الزور وشهادة الزور )) فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت. متفق عليه (160).

الموضوع السابق


16/327 ـ وعن أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه ، في حديثه الطويل في قصة هرقل : أن هرقل قال لأبي سفيان : فماذا يأمركم به ؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال : قلت : يقول : (( اعبدوا الله وحده ، ولا تشركوا به شيئاً ، واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدق ، والعفاف ، والصلة )) متفق عليه (148) . 18 / 328 ـ وعن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط ))(149) . وفي رواية : (( ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط ، فاستوصوا بأهلها خبراً ؛ فإن لهم ذمة ورحما )) (150) . وفي رواية : (( فإذا افتتحتموها ، فأحسنوا إلى أهلها ، فإن لهم ذمة ورحما )) أو قال : (( ذمة وصهراً )) رواه مسلم (151) . قال العلماء : الرحم التي لهم كون هاجر أم إسماعيل صلى الله عليه وسلم منهم (( والصهر )) : كون مارية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم . 18/ 329 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء:214] ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً ، فاجتمعوا فعم ، وخص وقال : (( يا بني عبد شمس ، يا بني كعب بن لؤي ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد مناف ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني هاشم ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بني عبد المطلب ، أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة ، أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئاً ، غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها )) رواه مسلم (152) . قوله صلى الله عليه وسلم : (( ببلالها )) هو بفتح الباء الثانية وكسرها ، (( والبلال )) : الماء . ومعنى الحديث : سأصلها ، شبة قطيعتها بالحرارة تطفأ بالماء وهذه تبرد بالصلة . 19/330 ـ وعن أبي عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهاراً غير سر يقول (( إن آل بني فلان ليسوا بأوليائي ، إنما وليي الله وصالح المؤمنين ، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها )) متفق عليه (153) واللفظ للبخاري .