7/402 ـ وعن المقداد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل )) . قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد : فو الله ما أدري ما يعني بالميل ، أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكتحل به العين (( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حِقوية ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما )) وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه )) رواه مسلم (251) . 8/403 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم )) متفق عليه(252) . ومعنى (( يذهب في الأرض )) : ينزل ويغوص . 9/404 ـ وعنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة فقال : (( هل تدرون ما هذا ؟ )) قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : (( حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها )) رواه مسلم (253) . 10/405 ـ وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه ، فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه ، فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة )) متفق عليه (254) . 11/406 ـ وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن (255) . و(( أطت )) بفتح الهمزة وتشديد الطاء ، و (( تئط )) بفتح التاء وبعدها همزة مكسورة ، والأطيط : صوت الرحل والقتب وشبههما ، ومعناه : أن كثرة من في السماء من الملائكة العابدين قد أثقلتها حتى أطت . و (( الصعدات )) بضم الصاد والعين : الطرقات : ومعنى (( تجأرون )) : تستغيثون . 12/407 ـ وعن أبي برزة ـ براء ثم زاي ـ نضله بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيمَ أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح (256) .
 
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى ، كلها تدل على عظم يوم القيامة ، وأن على المؤمن أن يخاف من هذا اليوم العظيم .
ذكر أحاديث فيها دنو الشمس من الخلائق بقدر ميل ، قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد : لا أدري أيريد بذلك : مسافة الأرض ، أم ميل المكحلة ، وكلاهما قريب ، وإذا كانت الشمس في أوجها في الدنيا وبعدها عنا بهذه الحرارة ، فكيف إذا كانت بهذا القرب ؟ !
ولكن هذه الشمس ينجو منها من شاء الله ، فإن الله تعالى يظل أقواماً بظله يوم لا ظل إلا ظله ، منهم من سبق ذكره وهم : السبعة الذين بظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في طاعة الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ؛ فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه .
وكذلك من أنظر معسراً ، أو وضع عنه ، المهم أن هناك أناساً ينجون من هذه الشمس ، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
وذكر أحاديث العرق ، وأن الناس يعرقون ، حتى يبلغ العرق من الأرض سبعين ذراعاً ، وحتى يلجم بعضهم إلجاماً ، وبعضهم يصل إلى كعبيه ، وبعضهم إلى ركبتيه ، وبعضهم إلى حقويه ، يختلف الناس حسب أعمالهم في هذا العرق .
وذكر أيضاً أحاديث أخرى، فيها التحذير من نار جهنم ، نسأل الله لنا والمسلمين السلامة منها .
والحاصل أن الإنسان إذا قرأ هذه الأحاديث وغيرها مما لم يذكره المؤلف ، فإن المؤمن يخاف ويحذر ، وليس بين الإنسان وبين هذا إلا أن ينتهي أجله في الدنيا ، ثم ينتقل إلى دار الجزاء ؛ لأنه ينتهي العمل . أحسن الله لنا وللمسلمين الخاتمة .


(251) رواه مسلم ، كتاب الجنة ، باب في صفة يوم القيامة . . . ، رقم ( 2864 ) .
(252) رواه البخاري ، كتاب الرقاق ، باب قوله تعالى : (أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) ، رقم ( 6532 ) ، ومسلم ، كتاب الجنة ، باب في صفة يوم القيامة ، رقم ( 2863 ) .
(253) رواه مسلم ، كتاب الجنة ، باب في شدة حر نار جهنم . . . ، رقم ( 2844 ) .
(254) رواه البخاري ، كتاب التوحيد ، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء ، رقم ( 7512 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ، رقم ( 1016 ) .
(255) رواه الترمذي ، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم . . . ، رقم ( 2312 ) .
(256) رواه الترمذي ، كتاب صفة القيام ، باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص ، رقم ( 2417 ) .

الموضوع التالي


15/410 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من خاف أدلج ، ومن أدلج ، بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، إن سلعة الله الجنة )) رواه الترمذي(257) وقال : حديث حسن . و(( أدلج )) بإسكان الدال ، ومعناه : سار من أول الليل ، والمراد : التشمير في الطاعة . والله أعلم . 16/411 ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً )) قلت : يا رسول الله : الرجال والنساء جميعا ؛ ينظر بعضهم إلى بعض !؟ قال (( يا عائشة الأمرأشد من أن يهمهم ذلك )) . وفي رواية : (( الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض )) متفق عليه (258) . (( غرلاًً )) بضم الغين المعجمة ، أي : غير مختونين .

الموضوع السابق


2/397 ـ وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يؤتى بجهنم يؤمئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها )) رواه مسلم (246) . 3/398 ـ وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً ، وإنه لأهونهم عذاباً )) متفق عليه (247) . 4/399 وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : (( منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه إلى حجزته،ومنهم من تأخذه إلى ترقوته))(248) (( الحجزة )) : معقد الإزار تحت السرة . و (( الترقوة )) بفتح التاء وضم القاف : هي العظم الذي عند ثغرة النحر ، وللإنسان ترقوتان في جانبي النحر . 5/400 ـ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه )) متفق عليه(249) . (( والرشح )) العرق . 6/401 ـ وعن أنس رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط فقال : لو تعلمون ما أعلم ؛ لضحكتم قليلً ولبكيتم كثيراً)) فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم ، ولهم خنين . متفق عليه (250) . وفي رواية : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء فخطب ، فقال : (( عرضت علي الحنة والنار ، فلم أر كاليوم في الخير والشر ، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قيلاً ، ولبكيتم كثيراً )) فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه غطوا رؤوسهم ولهم خنين . (( الخنين )) بالخاء المعجمة : هو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف .