15/410 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من خاف أدلج ، ومن أدلج ، بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، إن سلعة الله الجنة )) رواه الترمذي(257) وقال : حديث حسن . و(( أدلج )) بإسكان الدال ، ومعناه : سار من أول الليل ، والمراد : التشمير في الطاعة . والله أعلم . 16/411 ـ وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً )) قلت : يا رسول الله : الرجال والنساء جميعا ؛ ينظر بعضهم إلى بعض !؟ قال (( يا عائشة الأمرأشد من أن يهمهم ذلك )) . وفي رواية : (( الأمر أهم من أن ينظر بعضهم إلى بعض )) متفق عليه (258) . (( غرلاًً )) بضم الغين المعجمة ، أي : غير مختونين .
 
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ رحمه الله ـ في باب الخوف : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل )) أدلج يعني : مشى في الدلجة ، وهي أول الليل (( ومن أدلج بلغ المنزل )) ؛ لأنه إذا سار في أول الليل ، فهو يدل على اهتمامه في المسير ، وأنه جاد فيه ، ومن كان كذلك بلغ المنزل .
(( ألا وإن سلعة الله غالية ، ألا وإن سلعة الله الجنة )) .
السلعة : يعني التي يعرضها الإنسان للبيع ، والجنة قد عرضها الله عز وجل لعباده ليشتروها . قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:111] .
فمن خاف : يعني من كان في قلبه خوف لله ؛ عمل العمل الصالح الذي ينجيه مما يخاف .
وأما حديث عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( يحشر الناس )) يعني يجمعون يوم القيامة (( حفاة )) ليس لهم نعال (( عراة )) ليس عليهم ثياب (( غرلاً )) غير مختونين .
يخرج الناس من قبورهم كيوم ولدتهم أمهاتهم يعني في كمال الخلقة ، كما قال تعالى : ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) [الأنبياء: 104] ، فقالت عائشة رضي الله عنها : يا رسول الله ، الرجال والنساء ، يعني عراة ينظر بعضهم إلى بعض . قال : الأمر أكبر أو أعظم من أن يهمهم ذلك ، أو من أن ينظر بعضهم إلى بعض ، أي : إن الأمر عظيم جداً ، لا ينظر أحد إلى أحد ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) [عبس:37] .
نسأل الله تعالى أن ينجينا وإياكم من عذاب النار ، وأن يجعلنا وإياكم ممن يخافه ويرجوه .




(257) رواه الترمذي ، كتاب صفة القيامة ، باب ما جاء في صفة أواني الحوض ، رقم ( 2450 ) .
(258) رواه البخاري ، كتاب الرقاق ، باب كيف الحشر ، رقم ( 6527 ) ، ومسلم ، كتاب الجنة ، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة ، رقم ( 2859 ) .

الموضوع التالي


51 ـ باب الرجاء قال الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [الزمر:53] . وقال تعالى : ( وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ) [سـبأ: 17] . وقال تعالى : ( إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) [طـه:48] . وقال تعالى : ( وَرَحـْمَتِي وَسـِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) [الأعراف: 156] . 1/412 ـ وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من شهد أن لا إله الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، والجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل )) . متفق عليه(259) . وفي رواية لمسلم : (( من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ؛ حرم الله عليه النار ))(260) . 2/413 ـ وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل : من جاء بالحسنة ، فله عشر أمثالها أو أزيد ، ومن جاء بالسيئة ، فجزاء سيئه سيئة مثلها أو أغفر ، ومن تقرب مني شبراً ؛ تقربت منه ذراعا ، ومن تقرب مني ذراعا ، تقربت منه باعا ، ومن أتاني يمشي ، أتيته هرولة ، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا ؛ لقيته بمثلها مغفرة )) . رواه مسلم(261) . معنى الحديث : (( من تقرب إلى بطاعتي (( تقربت )) إليه برحمتي ، وإن زاد زدت ،(( فإن أتاني يمشي )) وأسرع في طاعتي (( أتيته هرولة )) أي : صببت عليه الرحمة ، وسبقته بها ، ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود . (( وقراب الأرض )) بضم القاف ويقال بكسرها ، والضم أصح ، وأشهر ، ومعناه : ما يقارب ملأها ، والله أعلم . 3/414 ـ وعن جابر رضي الله عنه ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما الموجبتان ؟ فقال : (( من مات لا يشرك بالله شيئاً ؛ دخل الجنة ؛ ومن مات يشرك به شيئاً ؛ دخل النار )) رواه مسلم (262) . 4/415 ـ وعن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعاذ رديفه على الرحل قال : (( يا معاذ )) . قال لبيك يا رسول الله ، وسعديك ، قال : (( يا معاذ )) قال : لبيك يا رسول الله ، وسعديك ، قال : (( يا معاذ )) قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثلاثاً ، قال : (( ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار )) قال : يا رسول الله ، أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا ؟ قال : (( إذا يتكلوا )) فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً . متفق عليه(263) . وقوله ؛ (( تأثماً )) أي : خوفا من الإثم في كتم هذا العلم .

الموضوع السابق


7/402 ـ وعن المقداد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل )) . قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد : فو الله ما أدري ما يعني بالميل ، أمسافة الأرض ، أم الميل الذي تكتحل به العين (( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حِقوية ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما )) وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه )) رواه مسلم (251) . 8/403 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم )) متفق عليه(252) . ومعنى (( يذهب في الأرض )) : ينزل ويغوص . 9/404 ـ وعنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع وجبة فقال : (( هل تدرون ما هذا ؟ )) قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : (( حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها )) رواه مسلم (253) . 10/405 ـ وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه ، فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه ، فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة )) متفق عليه (254) . 11/406 ـ وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني أرى ما لا ترون ، وأسمع ما لا تسمعون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى ، والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن (255) . و(( أطت )) بفتح الهمزة وتشديد الطاء ، و (( تئط )) بفتح التاء وبعدها همزة مكسورة ، والأطيط : صوت الرحل والقتب وشبههما ، ومعناه : أن كثرة من في السماء من الملائكة العابدين قد أثقلتها حتى أطت . و (( الصعدات )) بضم الصاد والعين : الطرقات : ومعنى (( تجأرون )) : تستغيثون . 12/407 ـ وعن أبي برزة ـ براء ثم زاي ـ نضله بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيمَ أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه )) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح (256) .