20/476-وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال:"هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله تعالى ؛ فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعبُ بن عُميرٍ رضي الله عنه قُتل يوم أُحد وترك نمرة، فكنا إذا غطينا بها رأسهُ بدت رجلاهُ، وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسهُ، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُغطي رأسهُ، ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر، ومنا من أينعت لهُ ثمرتهُ، فهو يهدبها".متفق عليه. 21/477- وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماء)). رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح. 22/478- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه، وعالماً ومتعلماً". رواهُ الترمذي وقال : حديث حسن. 23/479- وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا)). رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن. 25/481- وعن كعب بن عياض رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( إن لكل أمة فتنة، وفتنة أمتي : المال)). رواهُ الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 26/482- وعن أبي عمرو - ويقال أبو عبد الله ، ويقال أبو ليلى -عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنهُ، وثوب يُواري عورتهُ، وجلف الخُبز، والماء)). رواهُ الترمذي وقال حديثٌ صحيحٌ. قال الترمذي: سمعت أبا داود سليمان بن سالم البلخي يقول: سمعت النصر بن شميل يقول : الجلف: الخبز ليس معه إدام. وقال غيرهُ: هو غليظ الخبز. وقال الهروي: المراد به هنا وعاء الخبز: كالجوالق والخرج. والله أعلم. 27/483- وعن عبد الله بن الشخير - بكسر الشين والخاء المشددة المعجمتين- رضي الله عنه أنهُ قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)قال: (( يقول ابن آدم: مالي مالي! وهل لك يابن آدم مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت!؟))رواهُ مسلم. |
هذه الأحاديث كلها تدور على ما سبق من الحث على الزهد في الدنيا ، والإقبال على الآخرة.
فذكر المؤلف رحمه الله حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه في قصة مصعب بن عمير، وهو من المهاجرين الذي هاجروا لله عز وجل ابتغاء وجه الله، وكان شاباً مدللاً من قبل والديه في مكة، ولما أسلم طرده أبواه لأنهما كانا كافرين، فهاجر رضي الله عنه وقتل في أحد في السنة الثالثة من الهجرة، يعني لم يمض على هجرته إلا ثلاثة أعوام أو أقل، فقتل شهيداً رضي الله عنه، وكان صاحب الراية، ولم يكن معه شيء إلا بردة، ثوب واحد، إن غطوا به رأسه؛ بدت رجلاه، وإن غطوا به رجليه بدأ رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطى رأسه، ويجعل على رجليه شيء من الإذخر، والإذخر نبات معروف تأكله البهائم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل على رجليه لأجل أن يغطيهما. قال: ((ومنا)): يعني المهاجرين (( من أينعت له الدنيا)) أينعت: يعني استوت وأثمرت (( فهو يهدبها )) أي يجنيها ويقطفها ويتمتع بها، ولا يعلم الأول خير أم الآخر، لكن الدنيا خطيرة جداً على الإنسان كما في هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (( إن لكل أمة فتنة، وإن فتنة أمتي في المال)) ، يكثر المال عند الناس فينسوا به الآخرة، ولهذا نهي عن اتخاذ الضياع، الضياع يعني الحدائق والبساتين، فإن الإنسان يلهو بها عما هو أهم منها من أمور الآخرة، والحاصل أن الإنسان ينبغي له أن يكون زهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة، وأن الله إذا رزقه مالاً فليجعله عوناً على طاعة الله، وليجعل الدنيا في يده لا في قلبه، حتى يربح بالدنيا والآخرة(وَالْعَصْرِ(1) (إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر: 1-3). وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) (1) (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) (التكاثر:1،2) ، الهاكم يعني شغلكم عن المقابر وعن الموت وما بعده (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) لم ينطق الإنسان من الدنيا حتى مات، فقال عليه الصلاة والسلام: ((مالي مالي، مالي مالي)). يفتخر به " وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، ولبست فأبليت، وتصدقت فأمضيت"، هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام وهو كذلك، فالإنسان ما لَه إلا هذه الأشياء، إما أن يأكل طعاماً وشراباً، وإما أن يلبس من أنواع اللباس، وإما أن يتصدق، والباقي له هو ما يتصدق به، أما ما يأكله ويلبسه؛ فإن كان يستعين به على طاعة الله؛ كان خيراً له، وإن كان يستعين به على معصية الله وعلى الأشر والبطر؛ كان محنة عليه والعياذ بالله والله الموفق. |