8/595- وعن نافع أن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة الآف وفرضَ لأبنه ثلاثة آلاف وخمسمائة، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصتهُ؟ فقال: إنما هاجر به أبوهُ يقولُ: ليس هو كمن هاجر بنفسه. رواه البخاري. 9/596- وعن عطية بن عُروة السعدي الصحابي رضي الله عنه قالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يبلغُ العبدُ أن يكونَ من المُتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأسٌ)). رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ.
 
قال المؤلف رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب الورع وترك الشبهات فيما نقله عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فرض للناس أعطياتهم من بيت المال، فجعل للمهاجرين أربعة آلاف، وجعل لأبنه عبد الله ثلاثةَ آلاف وخمسمائة.
وابنه عبد الله مهاجر، فنقصه عن المهاجرين خمسمائة من أربعة آلاف ، فقيل له: إنه من المهاجرين فلماذا نقصته؟ قال: إنما هاجر به أبوه ولم يهاجر هو بنفسه، وليس من هاجر به أبوه كمن هاجر بنفسه، وهذا يدل دلالة عظيمة على شدة ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وهكذا يجب على من تولى شيئاً من أمور المسلمين ألا يحابي قريباً لقربه، ولا غنياً لغناه، ولا فقيراً لفقره، بل ينزل كل أحد منزلته، فهذا من الورع والعدل، ولم يقل عبد الله بن عمر: يا أبت، أنا مهاجر ولو شئت لبقيت في مكة؛ بل وافق على ما فرضه له أبوه.
وأما الحديث الأخير في هذا الباب فهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس))، وهذا فيما أشتبه مباح بمحرم وتعذر التمييز، فإنه من تمام اليقين والتقوى أن تدع الحلال خوفاً من الوقوع في الحرام.
وهذا أمر واجب؟ٌ كما قال أهل العلم: إنه إذا اشتبه مباح بمحرم وجب اجتناب الجميع؛ لأن اجتناب المحرم واجب، ولا يتم إلا باجتناب المباح، و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
لكن لو اضطر إلى أحدهما فله أن يتحرى في هذه الحال ويأخذ بما غلب على ظنه، ولنفرض أنه اشتبه طعام غيره بطعام نفسه، ولكنه مضطر إلى الطعام، ففي هذه الحال يتحرى ويأكل ما يغلب على ظنه أنه طعامه، والله الموفق.



444 رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الغيبة ، رقم (2589).
445 رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم (52) ومسلم كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم (1599).
446 رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب في منع الماء، رقم (3477).
447 رواه البخاري، كتاب الاعتصام، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن، رقم (7320)، ومسلم، كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود، رقم (2669).
448 رواه مسلم، كتاب القدر، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء، رقم (2654).
449 رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تفسير البر والآثام، رقم (2553).
450 رواه أحمد في مسنده (4/228).
451 رواه البخاري، كتاب العلم، باب الرحلة في المسألة النازلة وتعليم أهله، رقم (88)
452 رواه الترمذى، كتاب صفة القيامة، باب منه، رقم(2518)، وقال الترمذي: حسن صحيحٌ
453 رواه البخاري، كتاب الشهادات، باب الشهادات على الأنساب..، رقم (2645)، ومسلم ، كتاب الرضاع باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة، رقم (1447).
454 رواه البخاري، كتاب اللقطة باب إذا وجد تمرة في الطريق، رقم (2431)، ومسلم كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقم(1071).
455 رواه البخاري، كتاب المناقب، باب أيام الجاهلية ، رقم (3842).
456 رواه البخاري كتاب البيوع، باب ثمن الكلب، رقم (2237)ومسم، كتاب المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، رقم (1567)
457 رواه أبو داود ن كتاب البيوع، باب في ثمن الخمر والمنية، رقم (3488)
458 رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب الخوخة والممر في المسجد، رقم (467).
459 رواه البخاري، كتاب المناقب، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، رقم (3912).
460 رواه الترمذي كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في صفة اأوني الحوض، رقم (2451)، وقال الترمذي: حسن غريب.

الموضوع التالي


69- باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين ووقع في حرام وشبهات ونحوها قال الله تعالى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)(الذاريات:50). 1/597- وعن سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنهُ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: (( إن الله يحب العبدَ التقيَّ الغنِيَّ الخفيَّ)) رواه مسلم. والمراد بـ (( الغنيَّ)) غنيٌّ النفسِ، كما سبق في الحديث الصحيح. 2/598- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهُ قال : قال رجلٌ : أي الناس أفضلُ يا رسول الله؟ قال: (( مؤمنٌ مجاهدٌ بنفسه وماله في سبيل الله ))، قال: ثمَّ من؟ قال:" ثم رجلٌ معتزلٌ في شعب من الشعابِ يعبد ربهُ" وفي رواية :" يتقي الله ، ويدع الناس من شره" متفقٌ عليه. 3/599- وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يُوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبعُ بها شعفَ الجبال، ومواقع القطرِ، يفر بدينه من الفتنِ)) رواه البخاري.