4/624- وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: (( البر حُسنُ الخُلق، والإثمُ ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناسُ)) رواه مسلم. 5/625- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً. وكان يقولُ:" إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً: متفق عليه. 6/626- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من شيءٍ أثقلُ في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلقِ ، وإن الله يبغضُ الفاحش البذي)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. (البذي) : هو الذي يتكلم بالفحش، ورديء الكلامِ.
 
هذه الأحاديث ساقها النووي رحمه الله في باب حسن الخلق من كتاب رياض الصالحين، وقد سبق شيء من هذه الأحاديث.
أما حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البر حسن الخلق)، وقد تقدم شرح هذه الجملة، وبينا أن حسن الخلق يحصل فيه الخير الكثير؛ لأن البر هو الخير الكثير.
وأما الإثم فقال هو: ( ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) يعني بما حاك في النفس، يعني لم تطمئن إليه النفس، بل ترددت فيه، وكرهت أن يطلع عليه الناس.
ولكن هذا خطاب للمؤمن، أما الفاسق فإن الإثم لا يحيك في صدره، ولا يهمه أن يطلع عليه الناس؛ بل يجاهر به ولا يبالى، لكن المؤمن لكون الله سبحانه وتعالى قد أعطاه نوراً في قلبه، إذا هم بالإثم حاك في صدره، وتردد فيه، وكره أن يطلع عليه الناس، فهذا الميزان إنما هو في حق المؤمنين.
أما الفاسقون فإنهم لا يهمهم أن يطلع الناس على آثامهم، ولا تحيك الآثام في صدورهم؛ بل يفعلوها والعياذ بالله بانطلاق وانشراح؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)(فاطر: 8).
فقد يزين للإنسان سوء العمل فينشرح له صدره، مثل ما نرى من أهل الفسق الذين يشربون الخمر، وتنشرح صدورهم له، والذين يتعاملون بالربا وتنشرح صدورهم لذلك، والذين يتعودون العهر والزنا وتنشرح صدورهم لذلك، ولا يبالون بهذا؛ بل ربما إذا فعلوا ذلك سراً ذهبوا يشيعونه ويعلنونه، مثل ما يوجد من بعض الفساق إذا ذهبوا إلى البلاد الخارجية الماجنة الفاجرة ورجعوا، قاموا يتحدثون فعلت كذا وفعلت كذا، يعني أنهم زنوا بكذا وزنوا بكذا والعياذ بالله- وشربوا الخمر وما أشبه ذلك.
وفي هذه الأحاديث بيان صفة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً، يعني أنه صلى الله عليه وسلم بعيد عن الفحش طبعاً وكسباً، فلم يكن فاحشاً في نفسه ولا في غريزته؛ بل هو لين سهل، ولم يكن متفحشاً أي متطبعأً بالفحشاء؛ بل كان صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن الفحش في مقاله وفي فعاله صلى الله عليه وسلم.
وفيه أيضاً الحث على حسن الخلق، وأنه من أثقل ما يكون في الميزان يوم القيامة، وهذا من باب الترغيب فيه، فعليك يا أخي المسلم أن تحسن خلقك مع الله عزّ وجلّ؛ في تلقي أحكامه الكونية والشرعية، بصدر منشرح منقاد راضٍ مستسلم، وكذلك مع عباد الله فإن الله تعالي يحب المحسنين، والله الموفق.

الموضوع السابق


2/622- وعنه رضي الله عنه قال: ما مسستُ ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فلما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلتهُ: لم فعلتهُ؟ ولا لشيءٍ لم أفعلهُ: ألا فعلت كذا؟. متفق عليه. 3/623-وعن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال: أهديتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً، فردهُ على، فلما رأى ما في وجهي قال: (( إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)) متفق عليه.