3/661- وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم!)) قال : قلنا : أي رسول الله، أفلا ننابذهم؟ قال: لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصلاة )) رواه مسلم. قوله: ((تُصلونَ عليهم)) : تدعُون لهم. 4/662- وعن عياض بن حمارٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أهل الجنة ثلاثةٌ: ذُو سلطان مقسط موفق ، ورجلٌ رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال)) رواهُ مسلم.
 
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل الإمام العادل: عن عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)).
الأئمة: يعني ولاة الأمور ، سواء كان الإمام الكبير في البلد وهو السلطان الأعلى أو كان من دونه.
هؤلاء الأئمة الذين هم ولاة أمورنا، ينقسمون إلى قسمين: قسم نحبهم ويحبوننا ، فتجدنا ناصحين لهم وهم ناصحون لنا، ولذلك نحبهم، لأنهم يقومون بما أوجب الله عليهم من النصيحة لمن ولاهم الله عليه، ومعلوم أن من قام بواجب النصيحة فإن الله تعالى يحبه، ثم يحبه أهل الأرض.
فهؤلاء الأئمة الذين قاموا بما يجب عليهم محبوبون لدى رعيتهم.
وقوله: (( ويصلون عليكم، وتصلون عليهم)) الصلاة هنا بمعنى الدعاء، يعني تدعون لهم ويدعون لكم، تدعون لهم بأن الله يهديهم ويصلح بطانتهم ، ويوفقهم للعدل إلى غير ذلك من الدعاء الذي يدعى به للسطان، وهم يدعون لكم : اللهم أصلح رعيتنا، اللهم اجعلهم قائمين بأمرك، وما اشبه ذلك.
أما شرار الأئمة : فهم (( الذين تبغضونهم ويبغضونكم)) تكرهونهم ؛لأنهم لم يقوموا بما يجب عليهم من النصيحة للرعية، وإعطاء الحقوق إلى أهلها، وإذا فعلو ذلك فإن الناس يبغضونهم، فتحصل البغضاء من هؤلاء وهؤلاء؛ تحصل البغضاء من الرعية للرعاة؛ لأنهم لم يقوموا بواجبهم، ثم تحصل البغضاء من الرعاة للرعية؛ لأن الرعية إذا أبغضت الوالي؛ تمردت عليه وكرهته، ولم تطع أوامره ولم تتجنب ما نهى عنه، وحينئذ (( تلعنونهم ويلعنونكم )) والعياذ بالله؛ يعني يسبونكم وتسبونهم، أو يدعون عليكم باللعنة وتدعون عليهم باللعنة.
إذاً الأئمة ينقسمون إلى قسمين: قسم وفقوا وقاموا بما يجب عليهم فأحبهم الناس وأحبوا الناس، وصار كل واحد منهم يدعو للآخر. وقسم آخر بالعكس شرار الأئمة، يبغضون الناس والناس يبغضونهم، ويسبون الناس والناس يسبونهم.
أما حديث عياض بن حمار رضي الله عنه فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق)) وهذا هو الشاهد؛ يعني صاحب سلطان، والسلطان يعم السلطة العليا وما دونها.
(( مقسط)) أي عادل بين من ولاه الله عليه.
(( موفق)) أي مهتدٍ لما فيه التوفيق والصلاح، وقد هُدي إلى ما فيه الخير، فهذا من أصحاب الجنة.
وقد سبق أن الإمام العادل ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذا هو الشاهد من هذا الحديث (( ذو سلطان مقسط موفق، ورجلٌ رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم)) رجل رحيم يرحم عباد الله، يرحم الفقراء، يرحم العجزة، يرحم الصغار، يرحم كل من يستحق الرحمة.
((رقيق القلب)) ليس قلبه قاسياً (( لكل ذي قربى ومسلم))، وأما للكفار فإنه غليظ عليهم.
هذا أيضاً من أهل الجنة، أن يكون هذا الإنسان رقيق القلب يعني فيه لين، وفيه شفقة على كل ذي قربى ومسلم.
والثالث (( رجل عفيف متعفف ذو عيال)) يعني أنه فقير ولكنه متعفف، لا يسأل الناس شيئاً، يحسبه الجاهل غنياً من التعفف.
(( ذو عيال)) يعني أنه مع فقره عنده عائلة، فتجده صابراً محتسباً يكد على نفسه، ربما يأخذ الحبل يحتطب ويأكل منه، أو يأخذ المخلب يحتش فيأكل منه، المهم أنه عفيف متعفف ذو عيال، ولكنه صابر على البلاء، صابر على عياله، فهذا من أهل الجنة. نسأل الله أن يجعل لنا ولكم من هؤلاء نصيباًن والله الموفق.


560 رواه البخاري، كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، رقم (660)، ومسلم ، كتاب الزكاة، باب إخفاء الصدقة ، رقم (1031).
561 رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، رقم(1827).
562 رواه البخاري، كتاب الأدب باب حق الضيف، رقم (6134)، ومسلم ، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر، رقم (1159).
563 رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال...، رقم (4330)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، رقم (1061).
564 رواه مسلم ، كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، رقم (1855).
565 رواه مسلم ، كتاب الجنة، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة، رقم (2865).

الموضوع التالي


80- باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )(النساء: 59). 1/663- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( على المرء المسلم السمعُ والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصيةٍ فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)) متفقٌ عليه. 2/664- وعنه رضي الله عنه قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمعِ والطاعةِ يقول لنا: (( فيما استطعتم))متفقٌ عليه. 3/665- وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من خلع يدا من طاعةٍ؛ لقي الله يوم القيامة ولا حُجة لهُ، ومن مات وليس في عُنقه بيعةٌ مات ميتة جاهلية)) رواه مسلم. وفي رواية له: (( ومن مات وهو مفارقٌ للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية)) ((الميتة)) بكسر الميم.

الموضوع السابق


79- باب الوالي العادل قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) وقال تعالى: (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(الحجرات:9) 1/659- وعن أبي هُريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمالٍ، فقال: إني أخافُ الله ، ورجلٌ تصدق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينهُ، ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)) متفقٌ عليه. 2/660- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حُكمهم وأهليهم وما ولُوا" رواه مسلم.