باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك 696 - وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا رواه البخاري 697 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه رواه أبو داود
 
قال المؤلف النووي رحمه الله تعالى: (باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك) والمعنى أنه ينبغي للإنسان إذا تكلم وخاطب الناس أن يكلمهم بكلام بين لا يستعجل في إلقاء الكلمات، ولا يدغم شيئا في شيء ويكون حقه الإظهار بل يكون كلامه فصلا بينا واضحا حتى يفهم المخاطب بدون مشقة وبدون كلفة

فبعض الناس تجده في الكلام ويأكل الكلام حتى إن الإنسان يحتاج إلى أن يقول له: ماذا تقول؟ فهذا خلاف السنة فالسنة أن يكون الكلام بينا واضحا يفهمه المخاطب وليس من الواجب أن يكون خطابك باللغة الفصحى.
فعليك أن تخاطب الناس بلسانهم وليكن بينا واضحا كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه فقوله: حتى تفهم عنه يدل على أنها إذا فهمت بدون تكرار فإنه لا يكررها وهذا هو الواقع فإن الرسول عليه الصلاة والسلام نسمع عنه أحاديث كثيرة يقولها في خطبة وفي المجتمعات ولا يكرر ذلك لكن إذا لم يفهم الإنسان بأن كان لا يعرف المعنى جيدا فكرر عليه حتى يفهم أو كان سمعه ثقيلا لا يسمع أو كان هناك ضجة حوله لا يسمع فهنا يستحب أن تكرر حتى يفهم عنك وكان صلى الله عليه وسلم إذا سلم على قوم سلم عليهم ثلاثا معناه أنه كان لا يكرر أكثر من ثلاث يسلم مرة فإذا لم يجب سلم الثانية فإذا لم يجب سلم الثالثة فإذا لم يجب تركه

وكذلك في الاستئذان كان صلى الله عليه وسلم يستأذن ثلاثا يعني إذا جاء للإنسان يستأذن في الدخول على بيته يدق عليه الباب ثلاث مرات فإذا لم يجب انصرف فهذه سنته عليه الصلاة والسلام أن يكرر الأمور ثلاثا ثم ينتهي.
وهل مثل ذلك إذا دق جرس الهاتف ثلاث مرات؟ يحتمل أن يكون من هذا الباب، وأنك إذا اتصلت بإنسان ودق الجرس ثلاث مرات وأنت تسمعه وهو لم يجبك، فأنت في حل إذا وضعت سماعة الهاتف ويحتمل أن يقال: إن الهاتف له حكم آخر وأنك تبقى حتى تيأس من أهل البيت لأنهم ربما لا يكونون حول الهاتف عند اتصالك فربما يكونون في طرف المكان ويحتاجون إلى خطوات كثيرة حتى يصلوا إلى الهاتف فلذلك قلنا باحتمال الأمرين ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلامه فصلا يعني مفصلا لا يدخل الحروف بعضها على بعض ولا الكلمات بعضها على بعض حتى لو شاء العاد أن يحصيه

لأحصاه من شدة تأنيه صلى الله عليه وسلم في الكلام وهكذا ينبغي للإنسان أن لا يكون كلامه متداخلا بحيث يخفي على السامع لأن المقصود من الكلام هو إفهام المخاطب وكلما كان أقرب إلى الإفهام كان أولى وأحسن ثم إنه ينبغي للإنسان إذا استعمل هذه الطريقة يعني إذا جعل كلامه فصلا بينا واضحا وكرره ثلاث مرات لمن لم يفهم ينبغي أن يستشعر في هذا أنه متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يحصل له بذلك الأجر وإفهام أخيه المسلم وهكذا جميع السنن اجعل على بالك أنك متبع فيها لرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتحقق لك الاتباع

الموضوع السابق


باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء قال الله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} وقال تعالى: {ولو كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} 693 - عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة متفق عليه 694 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والكلمة الطيبة صدقة متفق عليه وهو بعض حديث تقدم بطوله 695 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخالك بوجه طلق رواه مسلم