باب كراهية الكل متكئا 746 - عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا آكل متكئا رواه البخاري قال الخطابي: المتكيء هنا هو الجالس معتمدا على وطاء تحته قال وأراد أنه لا يقعد على الوطاء والوسائد كفعل من يريد الإكثار من الطعام بل يقعد مستوفزا لا مستوطئا ويأكل بلغة هذا كلام الخطابي وأشار غيره إلى أن المتكئ هو المائل على جنبه والله أعلم 747 - وعن أنس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقعيا يأكل تمرا رواه مسلم المقعي هو الذي يلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه
 
قال المؤلف رحمه الله في (كتاب أدب الطعام) : (باب كراهية الأكل متكئا) الأكل ينقسم بالنسبة للجلوس له إلى قسمين: قسم منهي عنه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن يأكل الإنسان متكئا إما على اليد

اليمنى أو على اليد اليسرى وذلك لأن الاتكاء يدل على غطرسة وكبرياء وهذا معنى نفسي ولأنه إذا أكل متكئا يتضرر حيث يكون مجرى الطعام متمايلا ليس مستقيما فلا يكون على طبيعته فربما حصل في مجارى الطعام أضرار من ذلك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي جحيفة عبد الله بن وهب السواري رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا آكل متكئا ويعني ليس من هديي أن آكل متكئا وذلك للسببين اللذين ذكرناهما: سبب معنوي يكون بالنفس وهو الكبرياء وسبب حسى يتعلق بالبدن وهو الضرر الذي ينتج عن الأكل على هذا الوجه وذكر المؤلف حديث أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأكل تمرا مقعيا والإقعاء أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه هذا هو الإقعاء وإنما أكل النبي صلى الله عليه وسلم كذلك لئلا يستقر في الجلسة فيأكل أكلا كثيرا لأن الغالب أن الإنسان إذ كان مقعيا لا يكون مطمئنا في الجلوس فلا يأكل كثيرا وإذا كان غير مطمئن فلن يأكل كثيرا وإذا كان مطمئنا فإنه يأكل كثيرا هذا هو الغالب وربما يأكل الإنسان كثيرا وهو غير مطمئن وربما يأكل قليلا وهو مطمئن لكن من أسباب تقليل الأكل ألا يستقر الإنسان في جلسته وألا يكون مطمئنا الطمأنينة

الكاملة والحاصل أن عندنا جلستين: الجلسة الأولى الاتكاء، وهذه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل متكئا وكل أنواع الجلوس الباقية جائزة ولكن أحسن ما يكون ألا تجلس جلسة الإنسان المطمئن المستقر لئلا يكون ذلك سببا لإكثار الطعام وإكثار الطعام لا ينبغي والأفضل أن يجعل الإنسان ثلثا للأكل وثلثا للشراب وثلثا للنفس هذا أصح ما يكون في الغذاء فإن تيسر فهذا هو المطلوب ولا بأس أن يشبع الإنسان أحيانا

الموضوع التالي


باب استحباب الأكل بثلاثة أصابع واستحباب لعق الأصابع وكراهة مسحها قبل لعقها واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة التي تسقط منه وأكلها وجواز مسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرها 748 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يلعقها متفق عليه 749 - وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع فإذا فرغ لعقها رواه مسلم 750 - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة رواه مسلم 751 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان من أذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة رواه مسلم 752 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة رواه مسلم 753 - وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث وقال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها وليمط عنها الأذى وليأكلها ولا بدعها للشيطان وأمرنا أن نسلت القصعة وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة رواه مسلم 754 - وعن سعيد بن الحارث أنه سأل جابرا رضي الله عنه عن الوضوء مما مست النار فقال لا قد كنا زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك الطعام إلا قليلا فإذا نحن وجدناه لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا ثم نصلي ولا نتوضأ رواه البخاري

الموضوع السابق


باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها وفيه: قوله صلى الله عليه وسلم وكل مما يليك متفق عليه كما سبق 744 - عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح 745 - وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها: الغراء يحملها أربعة رجال فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتى بتلك القصعة يعني وقد ثرد فيها فالتفوا عليها فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا من حواليها ودعوا ذروتها يبارك فيها رواه أبو داود بإسناد جيد ذروتها أعلاها: بكسر الذال وضمها