باب استحباب القميص 789 - عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن باب صفة طول القميص والكم والإزرار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء 790 - عن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضى الله عنها قالت: كان كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن 791 - وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقال له أبو بكر: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست ممن يفعله خيلاء رواه البخاري، وروي مسلم بعضه 792 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا متفق عليه 793 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار رواه البخاري 794 - وعن أبي ذر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب رواه مسلم وفي رواية له: المسبل إزاره
 
هذه الأحاديث التي ذكرها النووي رحمه الله في (كتاب اللباس) فيها أحاديث تدل على أن أحب الثياب إلى رسول الله القميص وذلك أن القميص أستر من الإزار والرداء وكانوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يلبسون الإزار والرداء أحيانا يلبسون القميص وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحب القميص لأنه أستر ولأنه قطعة واحدة يلبسها الإنسان مرة واحدة فهي أسهل من أن يلبس الإزار أولا الرداء ثانيا ولكن مع ذلك لو كنت في بلد يعتادون لباس الأزر والأردية ولبست مثلهم فلا حرج والمهم ألا تخالف لباس أهل بلدك فتقع في

الشهرة وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لباس الشهرة وفي هذه الأحاديث أيضا دليل على أن كم القميص يكون إلى الرسغ والرسغ هو الوسط بين الكوع والكرسوع لأن الإنسان له مرفق وهو المفصل الذي بين العضد والذراع وله كوع كرسوع ورسغ فالكوع هو طرف الذراع مما يلي الكف من جهة الإبهام والكرسوع: طرف عظم الذراع مما يلي الكف من جهة الخنصر وأما الرسغ فهو ما بينهما وعلي هذا قول الناظم:
وعظم يلي الإبهام كوع وما يلي ...
الخنصر الكرسوع والرسغ ما وسط
وعظم يلي إبهام رجل ملقب ببوع ...
فخذ بالعلم واحذر من الغلط
والعوام إذا أرادوا ضرب المثل بالإنسان الأبله قالوا هذا رجل لا يعرف كوعه من كرسوعه وأكثر الناس يظنون أن الكوع: هو المرفق الذي إليه منتهى الوضوء ولكن ليس كذلك فما عند مفصل الكف من الذراع مما يلي الخنصر هو الكرسوع وما يلي الإبهام فهو الكوع وما بينهما فهو الرسغ والنبي عليه الصلاة والسلام كان قميصه إلى الرسغ ثم ذكر المؤلف حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة رضي الله

عنهما في إسبال الثياب وإسبال الثياب يقع على وجهين الوجه الأول: أن يجر الثوب خيلاء الوجه الثاني: أن ينزل الثوب أسفل من الكعبين من غير خيلاء أما الأول: وهو الذي يجر ثوبه خيلاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له أربع عقوبات والعياذ بالله: لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه يعني نظر رحمة ولا يزكيه وله عذاب أليم أربع عقوبات بها المرء إذا جر ثوبه خيلاء ولما سمع أبو بكر بهذا الحديث قال: رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي علي إلا أن أتعاهده يعني فهل يشملني هذا الوعيد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنك لست ممن يضع هذا خيلاء فزكاه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه لا يصنع هذا خيلاء وإنما العقوبة على من فعله خيلاء أما من لم يفعله خيلاء فعقوبته أهون ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ما أسفل من الكعبين ففي النار ولم يذكر إلا عقوبة واحدة ثم هذه العقوبة أيضا لا تعم البدن كله إنما تختص بما فيه المخالفة وهو ما نزل من الكعب فإذا نزل ثوب الإنسان أو مشلحه أو سرواله إلى أسفل من الكعب فإنه

يعاقب على هذا النازل بالنار ولا يشمل النار كل الجسد إنما يكوي بالنار والعياذ بالله بقدر ما نزل ولا تستغرب أن يكون العذاب على بعض البدن الذي حصلت فيه المخالفة فإنه ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أصحابه توضؤا ولم يسبغوا الوضوء فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار فهنا جعل العقوبة على الأعقاب يعني العراقيب التي لم يسبغوا وضوءها فالعقاب بالنار يكون عاما كأن يحرق الإنسان كله بالنار والعياذ بالله ويكون في بعض البدن الذي حصلت فيه المخالفة ولا غرابة في ذلك وبهذا نعرف قول النووي رحمه الله بتحريم الإسبال خيلاء وكراهيته لغير الخيلاء والصحيح أنه حرام سواء أكان لخيلاء أم لغير خيلاء بل الصحيح أنه من كبائر الذنوب لأن كبائر الذنوب كل ذنب جعل الله عليه عقوبة خاصة به وهذا عليه عقوبة خاصة ففيه الوعيد بالنار إذا كان لغير الخيلاء وفيه وعيد بالعقوبات الأربع إذا كان خيلاء لا يكلمه الله يوم القيامة

ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم وختم المؤلف بحديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قرأها ثلاث مرات وإنما فعل النبي عليه الصلاة والسلام هذا من أجل أن ينتبه الإنسان لأن اللفظ إذا جاء مجملا ولا سيما مع التكرار ينتبه له الإنسان حتى إذا جاءه التفصيل والبيان ورد على نفس متشوقة تطلب البيان فقال أبو ذر يا رسول الله خابوا وخسروا من هؤلاء؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب الأول المسبل: يعني الذي يجر ثوبه خيلاء والثاني المنان: الذي يمن بما أعطى، إذا أحسن إلى أحد بشيء جعل يمن عليه: فعلت بك كذا وفعلت بك كذا والمن من كبائر الذنوب، لأن عليه هذا الوعيد، وهو مبطل الأجر لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى والثالث المنفق سلعته بالحلف الكاذب: يعني الذي يحلف وهو كاذب ليزيد ثمن السلعة فيقول: والله لقد اشتريتها بعشرة وهو لم يشترها إلا بثمانية أو يقول: أعطيت فيها عشرة وهو لم

يعط فيها إلا ثمانية فيحلف على هذا فهذا ممن يستحق هذه العقوبات الأربع لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم نسأل الله العافية

الموضوع التالي


796 - وعن أبي جري جابر بن سليم رضي الله عنه قال: رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئا إلا صدروا عنه قلت من هذا؟ قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عليك السلام يا رسول الله مرتين قال: لا تقل عليك السلام، عليك السلام تحية الموتى قل السلام عليك قال: قلت: أنت رسول الله؟ قال: أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك وإذا أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك قلت: اعهد لي قال: لا تسبن أحدا قال فما سببت بعده حرا ولا عبدا ولا بعيرا ولا شاة ولا تحقرن من المعروف شيئا وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف وارفع إزارك إلى نصف الساق فإن أبيت فإلي الكعبين وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه فإنما وبال ذلك عليه رواه أبو داود والترمذي فإسناد صحيح وقال الترمذي: حديث حسن صحيح

الموضوع السابق


785 - وعن أبي سعيد عمرو بن حريث رضى الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه رواه مسلم وفي رواية له: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء 786 - وعن عائشة رضى الله عنها قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة متفق عليه السحولية بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثياب تنسب إلى سحول قرية باليمين والكرسف القطن 787 - وعنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل منه شعر أسود رواه مسلم المرط بكسر الميم: وهو كساء والمرحل بالحاء المهملة: هو الذي فيه صورة رحال الإبل، وهي الأكوار 788 - وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير فقال لي: أمعك ماء؟ قلت نعم فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى في سواد الليل ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة فغسل وجهه وعليه جبة من صوف فلم يستطيع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة فغسل ذراعيه ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ومسح عليهما متفق عليه وفي رواية وعليه جبة شامية ضيقه الكمين وفي رواية: أن هذه القصة كانت في غزوة تبوك