باب الكف عما يرى من الميت من مكروه 928 - عن أبي رافع أسلم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة رواه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
 
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب من ستر على الميت ما رآه من مكروه ثم ذكر حديث مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل الغاسل إذا ستر على الميت ما يرى من مكروه والذي يرى من الميت من المكروهات نوعان: النوع الأول ما يتعلق بحاله النوع الثاني ما يتعلق بجسده الأول لو رأى مثلا أن الميت تغير وجهه واسود وقبح فهذا والعياذ بالله دليل على سوء خاتمته نسأل الله العافية فلا يحل له أن يقول للناس إني رأيت هذا الرجل على هذه الصفة لأن هذا

كشف لعيوبه والرجل قدم على ربه وسوف يجازيه بما يستحق من عدل أو فضل إن كان عمل خيرا فالله يجزيه الحسنة بعشرة أمثالها وإن كان غير ذلك وجزاء سيئة سيئة مثلها الثاني ما يتعلق بجسده كأن يرى بجسده عيبا كأن يرى برصا أو سوادا خلقيا أو غير ذلك مما يكره الإنسان أن يطلع عليه غيره فهذا أيضا لا يجوز له أن يكشفه للناس ويقول رأيت فيه كذا وكذا برصا في بطنه في ظهره وما أشبه ذلك ولهذا قال العلماء رحمهم الله يجب على الغاسل أن يستر ما رآه إن لم يكن حسنة أما إذا رأى خيرا بالميت واستنارة بوجهه أو رآه يتبسم فهذا خير وليخبر به الناس لأنه يجعل الناس يثنون عليه خيرا ولا بأس به ولا يعد هذا من الرياء أو ما أشبه ذلك فإن هذا يعد من عاجل بشرى المؤمن لأن المؤمن قد يكون له مبشرات ومن هذه مثلا أنه يرى بعد موته على حالة حسنة وكذلك يرى الرؤيا الحسنة لنفسه أو يراها له غيره كل هذه من المبشرات التي تبشر بالخير.
ولهذا قال العلماء رحمهم الله يكره لغير المعين في غسله أن يحضر غسله

حتى ولو كان قريبا له لأنه ربما يرى ما يكره فيكون في ذلك إساءة إلى الميت والله الموفق

الموضوع التالي


باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز 929 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين متفق عليه 930 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط رواه البخاري 931 - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا متفق عليه ومعناه ولم يشدد في النهي كما يشدد في المحرمات

الموضوع السابق


باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة أما النياحة فحرام وسيأتي فيها باب في كتاب النهي إن شاء الله تعالى وأما البكاء فجاءت أحاديث كثيرة بالنهي عنه وأن الميت يعذب ببكاء أهله وهي متأولة ومحمولة على من أوصى به والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب أو نياحة والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة منها 927 - وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون رواه البخاري وروى مسلم بعضه. والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة والله أعلم