باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز 929 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين متفق عليه 930 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط رواه البخاري 931 - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا متفق عليه ومعناه ولم يشدد في النهي كما يشدد في المحرمات
 
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تشييع الجنازة والصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه يعني استحباب ذلك للرجال وكراهته للنساء.
الجنازة بالفتح اسم للميت والجنازة بالكسر اسم للنعش الذي عليه الميت ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة الأول والثاني وحديث أم عطية وليعلم أن تشييع الجنائز من حقوق المسلمين على إخوانهم قال العلماء وإذا خرج مع الجنازة فينبغي أن يكون متخشعا متفكرا في مآله وأنه كما أنه الآن يتبع جنازة هذا الرجل فسوف يأتي اليوم الذي يتبع الناس فيه جنازته فكما حمل هذا فهو أيضا سيحمل
كل ابن أنثى ولو طالت سلامتك ...
يوما على آلة حدباء محمول
فيفكر في أمره وأنه مهما طالت به الدنيا فسوف يحمل كما حمل هذا ويشيع كما شيع هذا ولهذا قالوا لا ينبغي لتابع الجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا بل يفكر في نفسه وإذا كان معه أحد يكلمه فليذكره بمآل كل حي حتى يكون تشييع

الجنازة تشييعا وعبرة أي قضاء لحق المسلم وعبره للمشيع ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديثي أبي هريرة وفيهما أن من تبع الجنازة من بيتها حتى يصلى عليها ثم تدفن فله قيراطان فسئل عن القيراطين قال مثل الجبلين العظيمين وفي رواية لمسلم أصغرهما مثل جبل أحد ولما حدث ابن عمر بهذا الحديث قال لقد فرطنا في قراريط كثيرة يعني ما كنا نخرج مع الجنائز وفرطنا في هذه القراريط الكثيرة فصار يخرج بعد ذلك مع الجنائز رضي الله عنه فإذا شهدت الجنازة حتى يصلى عليها فلك قيراط وإن استمررت معها حتى تدفن فلك قيراطان لكن في رواية البخاري اشترط أن يكون ذلك إيمانا واحتسابا يعني إيمانا بالله وتصديقا بوعده واحتسابا لثوابه وليس قصدك المجاملة لأهل الميت لأن المجاملة لأهل الميت ثواب عاجل في الدنيا فقط وقد يؤجر الإنسان على مجاملة إخوانه لكن الأجر الذي هو قيراطان فهو لمن تبعها إيمانا واحتسابا وإيمانا بالله وثقة إما النساء فقالت أم عطية رضي الله عنها نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا لفظ نهينا إذا قاله صحابي أو قالته صحابية

فالمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي له الأمر والنهي.
فإذا قال الصحابي أو الصحابية نهينا فالمعنى نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذ بعض العلماء من هذا الحديث أن اتباع النساء للجنائز مكروه لأنها قالت نهينا ولم يعزم علينا وقال بعض العلماء بل اتباع النساء للجنائز محرم لثبوت النهي وقول أم عطية ولم يعزم علينا.
هذا تفقه منها رضي الله عنها ولا ندري هل الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي نهاهن ولم يعزم عليهن أم هي التي فهمت أنه لم يعزم على النساء بترك اتباع الجنائز.
والصحيح أن اتباع المرأة للجنازة حرام وأنه لا يجوز للمرأة أن تتبع الجنازة لأنها إذا تبعتها فهي لا شك ضعيفة فربما تصيح وتولول وتضرب الخد وتنتف الشعر وتمزق الثوب لا تصبر المرأة وأيضا ربما يحصل اختلاط بين الرجال والنساء في تشييع الجنازة فيحصل بذلك فتنة وتزول الحكمة من اتباع الجنائز بحيث يكون الرجال أو الأراذل من الرجال يكون ليس لهم هم إلا ملاحقة هؤلاء النساء أو التمتع بالنظر إليهن فالواجب منع النساء من اتباع الجنائز فهو حرام ولا يجوز كما أن زيارة المرأة للمقابر حرام لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج والله الموفق

الموضوع التالي


باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر 932 - عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه رواه مسلم 933 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه رواه مسلم 934 - وعن مرثد بن عبد الله اليزني قال كان مالك بن هبيرة رضي الله عنه إذا صلى على الجنازة فتقال الناس عليها جزأهم عليها ثلاثة أجزاء ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن