993 - وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه رواه البخاري 994 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران متفق عليه
 
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله في كتابه رياض الصالحين باب فضل قراءة القرآن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه الخطاب للأمة عامة فخير الناس من جمع بين هذين الوصفين من تعلم القرآن وعلم القرآن تعلمه من غيره وعلمه غيره والتعلم والتعليم يشمل التعلم اللفظي والمعنوي فمن حفظ القرآن يعني صار يعلم الناس التلاوة ويحفظهم إياه فهو داخل في التعليم وكذلك من تعلم القرآن على هذا الوجه فهو داخل في التعلم وبه نعرف فضيلة الحلق الموجودة الآن في كثير من البلاد ولله الحمد في المساجد حيث يتعلم الصبيان فيها كلام الله عز وجل فمن ساهم فيها بشيء فله أجر ومن أدخل أولاده فيها فله أجر ومن تبرع وعلم فيها فله أجر كلهم داخلون في قوله خيركم من تعلم القرآن وعلمه

والنوع الثاني تعليم المعنى يعني تعليم التفسير أن الإنسان يجلس إلى الناس يعلمهم تفسير كلام الله عز وجل كيف يفسر القرآن والقرآن كما نعلم متشابه تجد في بعض الأحيان آيات تتكرر بلفظها مثل يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير هذه تكررت بلفظها في سورتين التوبة والتحريم وكذلك كثير من الآيات يتكرر فإذا علم الإنسان غيره كيف يفسر القرآن وأعطاه القواعد في ذلك فهذا من تعليم القرآن وليعلم أن القرآن الكريم ليس كغيره من الكتب من حيث التفسير يعني أنه لا يجوز للإنسان أن يفسر القرآن بهواه ويحمل الآيات على ما يريده هو كما يفعل أهل الإلحاد بآيات الله عز وجل من أهل التعطيل وغيرهم يحملون الآية على غير ما أراد الله مثلا يقول في قوله تعالى {وجاء ربك والملك صفا صفا} يقول وجاء أمر ربك هذا حرام لا يجوز لأن الذي يفسر القرآن إنما يشهد على الله أنه أراد كذا وهذه عظيمة وليست هينة لو كنت تفسر كلام عالم من العلماء لعد ذلك جناية إذا فسرته بما يريد أنت فكيف بكلام رب العالمين ولهذا جاء في الحديث من قال في

القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار فالواجب أن الإنسان يتحرز من أن يقول معنى الآية كذا وكذا وهو لا يدري لكن إذا كان طالب علم وتكلم بمعنى الآية عند من هو أعلم منه على أساس أنه سيرشده إذا أخطأ فلا بأس ومن ذلك ما يلقى في الاختبارات مثل فسر الآية كذا وكذا ويكون الطالب ليس عنده في تلك الساعة استحضار لمعناها فهل يفسرها بما عنده نقول نعم لأن هذا يختبر وإذا أخطأ فعنده من سينبهه لكن يتحرى أخطاءه أما الإنسان الذي يفسر ليس على هذا الوجه وهو ليس عنده علم فإنه لا يجوز له أن يقدم على هذا لأن كلام الله ليس كغيره أما حديث عائشة رضي الله عنها ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة الماهر الذي يجيد القرآن يتقنه هذا مع السفرة الكرام البررة وهؤلاء السفرة الكرام البررة هم الملائكة كما قال تعالى {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة} فالماهر مع الملائكة وأما الذي يتتعتع فيه يتهجاه وهو عليه شاق فله أجران الأول للتلاوة والثاني للتعب

والمشقة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة أجرك على قدر نصبك أي على قدر تعبك فالذي يتتعتع في القرآن ويشق عليه له أجران أجر التلاوة وأجر قراءة القرآن لكن الأول أفضل منه لأن الأول مرتبته عظيمة وفرق بين إنسان له مرتبة عالية وإنسان دون ذلك ولكن له أجر ونضرب مثلا لهذا والثواب ليس له نظير لكن لو أن رجلا له شرف وسيادة ومنزلة عالية في الناس لكن دراهمه قليلة وآخر وضيع بين الناس ليس له قيمة لكن دراهمه كثيرة الأول أفضل فالمهم أن الماهر بالقرآن المجيد فيه مع السفرة الكرام البررة وأما الذي يتلوه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران إذا تالي القرآن ليس بخاسر مهما كان والله الموفق