باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع لها 1004 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أذن لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به متفق عليه. معنى أذن الله أي استمع وهو إشارة إلى الرضي والقبول. 1005 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود متفق عليه. وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة
 
قال المؤلف رحمه الله في كتابه (رياض الصالحين) في آداب القراءة باب استحباب تحسين الصوت بالقراءة وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع إليه هاتان مسألتان: المسألة الأولى استحباب تحسين الصوت في قراءة القرآن وتحسين الصوت ينقسم إلى قسمين أحدهما تحسين الأداء بحيث يبين الحروف ويخرجها من مخارجها حتى يبدو القرآن واضحا بينا فلا يخفى ولا يحذف شيء من الحروف لئلا ينقص شيء مما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني تحسين النغمة بالصوت يحسن به صوته وكلاهما أمر مطلوب ولكن الأمر الأول تحسين الأداء لا ينبغي المبالغة فيه والغلو فيه بحيث تجد الرجل يقرأ القرآن يتكلف ويحمر وجهه ويتكلف في الغنة وفي الإدغام وفي مثل ذلك فإن هذا من إقامة الحروف المتكلفة ولكن لتكن قراءته طبيعية يبين فيها الحروف والحركات هذا هو المطلوب وأما الغلو والمبالغة فإنهما ليسا مطلوبين وبه نعلم أن تعلم التجويد ليس بواجب لأنه يعود إلى تحسين الصوت بدون غلو ولا مبالغة فهو من الأمور المستحبة التي يتوصل بها الإنسان إلى شيء

مستحب لا إلى شيء واجب.
وأما القسم الثاني هو تحسين الصوت فقد يقول قائل حسن الصوت ليس باختيار الإنسان لأن الله تعالى هو الذي يمن على من يشاء من عباده فيعطيه حنجرة قوية وصوتا طيبا فيقال نعم الأمر كذلك لكن يحسن الإنسان الصوت بالتعلم لأن حسن الصوت غريزي ومكتسب فلا يزال يقرأ بصوت حسن حتى يتعلم ويؤدي بصوت حسن & ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أذن الله لشيء إذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به.
أذن قال العلماء استمع يعني ما استمع الله لشيء من الأشياء التي يسمعها جل وعلا مثل استماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به يعني نبي والأنبياء هم أفضل طبقات الخلق يتغنى بالقرآن يعني يقرؤه بصوت حسن يجهر به يعني يرفع صوته به فهذا هو الذي يأذن الله له أي يستمع له جل وعلا لأنه يحب الصوت الحسن بالقرآن والأداء الحسن.
ثم ذكر حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهو عبد الله بن قيس أحد خطباء النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى قراءته ذات ليلة فأعجبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود

وآل داود يعني به داود صلى الله عليه وسلم داود عنده صوت حسن جميل رفيع حتى قال الله تعالى يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد فكانت الجبال ترجع مع داود وهو يتلو الزبور لحسن صوته تجاوبه جبال أحجار جامدة وكذلك الطير تؤوب معه سبحان الله تأتي فإذا سمعت قراءته تجمعت في جو السماء وجعلت ترجع معه فكانت الجبال والطيور إذا سمعت قراءة داود للزبور قامت ترجع معه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود يعني صوتا حسنا كصوت آل داود يقول أبو موسى لما قال له الرسول لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة قال لو علمت أنك تستمع أو قال تسمع لحبرته لك تحبيرا يعني يزينه أحسن مما كان.
قال العلماء وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسن صوته بالقرآن لأجل أن يتلذذ السامع ويسر به فإن ذلك لا بأس به ولا يعد من الرياء بل هذا مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به ولهذا يوجد

بعض الناس إذا ضاق صدره استمع إلى قراءة إنسان حسن القراءة حسن الصوت وهذه متيسرة الآن في أشرطة لبعض القراء الذي لا يتكلفون القراءة وأصواتهم حسنة وأداؤهم حسن إذا استمع الإنسان إليهم لا يكاد يمل لأن كلام الله له تأثير إذا جاء من إنسان حسن الصوت وحسن الأداء لا يمل.
ويستفاد من هذين الحديثين أنه ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن على أكمل ما يمكنه أن يقرأه عليه من حسن الصوت وحسن الأداء ونسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يقيم حروفه وحدوده حتى يكون حجة لنا لا علينا والله الموفق.

الموضوع التالي


1006 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه متفق عليه. 1007 - وعن أبي لبابة بشير بن عبد المنذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لن يتغن بالقرآن فليس منا رواه أبو داود بإسناد جيد. ومعنى يتغنى يحسن صوته بالقرآن. 1008 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان متفق عليه.