باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها والحث على المحافظة عليها 1139 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد متفق عليه. والإيتار قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ آخر الليل فإن وثق فآخر الليل أفضل.. 1140 - وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى رواه مسلم. 1141 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله رواه مسلم. 1142 - وعن أم هانئ فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل فلما فرغ من غسله صلى ثماني ركعات وذلك ضحى. متفق عليه وهذا مختصر لفظ إحدى روايات مسلم.
 
باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها صلاة الضحى هي: ركعتان أو أكثر تفعلان من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال.
وارتفاع الشمس قدر رمح يكون بمقدار ربع ساعة أو نحوها بعد طلوع الشمس فمن ثم يبدأ وقت صلاة الضحى إلى أن يبقى على الزوال عشر دقائق أو قريب منها.
كل هذا وقت لها لكن فعلها في آخر الوقت أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال والفصال: أولاد النوق، وترمض يعني: تشتد عليها الرمضة.
وهذا في آخر الوقت.
وهذه من الصلوات التي يسن تأخيرها ونظيرها في الفرائض صلاة العشاء فإن صلاة العشاء لها أن تؤخر في آخر وقتها إلا إذا شق على الناس.
وصلاة الضحى مما عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض أصحابه عهد بها إلى أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله

عنه حين أوصاه قال: أوصاني بثلاثة: صيام ثلاثة أيام من كل شهر ولم يعين وقتها من الشهر ولهذا قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره .
ولا فرق بين أن تكون متوالية يعني متتابعة أو متفرقة كلها يحصل بها الأجر، لكن أفضل هذه الأيام الثلاثة أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
وأوصاه صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى ركعتان يركعهما ما بين ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال.
والثالث بأن توتر قبل أن تنام وإنما أوصاه بالوتر قبل أن ينام لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يدرس في أول الليل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينام إلا متأخرا ويخشى ألا يقوم من آخر الليل فلهذا أوصاه أن يوتر قبل أن ينام الشاهد من هذا وركعتي الضحى.
ثم ذكر حديث أبي ذر أنه يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس.
السلامى هي الأعضاء أو العظام والمفاصل وقد ذكر العلماء السابقون رحمهم الله أن في كل إنسان ثلاثمائة وستين مفصلا كل مفصل يطالبك كل يوم بصدقة لأن الذي أحياه عز وجل وأمده وعافاه له

عليك منة وفضل، كل يوم كل عضو يطالبك بصدقة، لكنها ليست بصدقة مال، بل هي كل ما يقرب إلى الله من قول أو عمل أو بذل مال أو غير ذلك فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة فكل ما يقرب إلى الله فهو صدقة، ومثل هذا يسير على المرء أن يؤدي ثلاثمائة وستين صدقة كل يوم قال: ويجزئ من ذلك يعني بدلا عن ذلك يجزئ ركعتان يركعهما في الضحى هذه نعمة كبيرة بدلا من أن تطالب عن كل عضو من أعضائك بصدقة يكفيك أن تصلي ركعتين من الضحى.
وهذا يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يواظب عليهما أي على ركعتي الضحى حضرا وسفرا.
ولكن هل لها عدد معين؟ نقول إن أقلها ركعتان، وأما أكثرها فما شاء الله، لو تبقى تصلي كل الضحى، فأنت على خير ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله، ولم تحدد.
وأما قول من قال: إن أكثرها ثمان، ففيه نظر، لأن حديث أم هانئ في فتح مكة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ثماني ركعات، لا يدل على أن هذا هو أعلاه، فقد وقع اتفاقا وما يقع اتفاقا ليس فيه دليل على الحصر.
وعلى هذا فنقول: أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، صل ما شئت، لكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا وربما صلى ثماني فينبغي للإنسان أن يغتنم عمره بصالح الأعمال لأنه سوف يندم إذا جاءه الموت أن أمضى

ساعة من دهره لا يتقرب بها إلى الله عز وجل كل ساعة تمر عليك وأنت لا تتقرب إلى الله بها فهي خسارة لأنها راحت عليك لم تنتفع بها.
فانتهز الفرصة بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والتعلق بالله عز وجل اجعل قلبك دائما مع الله سبحانه وتعالى ربك في السماء وأنت في الأرض لا تغفل عن ذكر الله بلسانك وفي فعالك وبجنانك بالقلب فإن الدنيا زائلة لن تبقى لأحد.
انظر الأولين من سبقك من الأمم السابقة والماضية البعيدة المدى وانظر من سبقك من أصحابك بالأمس كانوا معك يتمتعون ويأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب والآن هم في أعمالهم مرتهنون وأنت سيأتي عليك هذا طالت الدنيا أم قصرت قال تعالى: يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فانتهز الفرصة يا أخي انتهز الفرصة لا ينفعك يوم القيامة لا مال ولا بنون ولا أهل لا ينفعك إلا أن تأتي الله بقلب سليم أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يأتي ربه بقلب سليم وأن يتوفانا على الإيمان والتوحيد إنه على كل شيء قدير

الموضوع السابق


باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته 1132 - عن علي رضي الله عنه قال الوتر ليس بختم كصلاة المكتوبة ولكن سنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن 1133 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل ومن أوسطه ومن آخره وانتهى وتره إلى السحر متفق عليه 1135 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتروا قبل أن تصبحوا رواه مسلم 1136 - وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته بالليل وهي معترضة بين يديه فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت رواه مسلم وفي رواية له فإذا بقي الوتر قال قومي فأوتري يا عائشة 1137 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بادروا الصبح بالوتر رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح 1138 - وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل رواه مسلم