1147 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها رواه مسلم.
 
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل الجمعة وما يتعلق بها فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة والمراد بذلك خير يوم من أيام الأسبوع، وإنما قلنا هذا لئلا يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة: فإن يوم عرفة أفضل باعتبار العام، وهذا أفضل باعتبار الأسبوع، فيه خلق آدم، وآدم هو أبو البشر خلقه الله عز وجل بيده، خلقه من تراب ثم قال له: كن فيكون خلق يوم الجمعة وفيه أدخل الجنة وهي جنة المأوى التي يأوي إليها البشر، أدخله الله الجنة هو وزوجه وقال: اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأذن الله لهما أن يأكلا من جميع أشجار الجنة مما شاءا ونهاهما عن شجرة معينة اختبارا وابتلاء

{فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} وأقسم لهما أن يأكلا من هذه الشجرة وأنه بذلك يحصل لهما الخلد والملك الذي لا يبلى، وما زال بهما حتى أكلا من الشجرة، وكان الله تعالى قد وضع على عورتيهما هيبة فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما، وصار كل إنسان ينظر إلى عورته، آدم ينظر إلى عورته، وحواء تنظر إلى عورتها، انكشفت لأنهما هتكا حرمة الله عز وجل بأكلهما من الشجرة، وقال الله تعالى عن ذلك: {وعصى آدم ربه فغوى} لما أكلا منها أمرهما الله عز وجل أن يخرجا من الجنة فهبطا إلى الأرض، وهذا من حكمة الله عز وجل، لأنه لولا ذلك ما وجدت هذه البشرية وهذه الخليقة وحصل هذا الامتحان، ولكن الله تعالى بحكمته قدر لكل شيء سببا، فانظر كيف نزل من الجنة العالية إلى الأرض الهابطة بمعصية واحدة؟ فما بالك بنا نحن معاصينا كثيرة بالليل والنهار، نسأل الله أن يعاملنا وإياكم بعفوه، ومع ذلك نؤمل أملا ما هو إلا أوهام، نؤمل أننا في الدرجات العليا مع أننا هابطون بكثرة المعاصي والتهاون بالواجبات وما يعتري القلوب من الحقد والبغضاء والكراهية، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وأن يصحح قلوبنا وقلوبكم.
وهذه الجنة التي أهبط منها آدم، اختلف فيها هل هي جنة المأوى أو أنها جنة بستان عظيم على ربوة طيبة الهواء كثيرة الماء؟ والصواب أنها جنة الخلد، وفي هذا يقول ابن القيم:

فحي على جنات عدن فإنها ...
منازلنا الأولى وفيها المخيم
والله على كل شيء قدير، فهذا فضل يوم الجمعة أنه فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وكلاهما حكمة: خلق آدم حكمة، إدخاله الجنة حكمة، إنزاله إلى الأرض بسبب المعصية حكمة، ولكن اعلموا أن آدم تاب إلى الله هو وزوجه {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} وقال الله تعالى: {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} فكان بعد التوبة خيرا منه قبل التوبة، والله الموفق

الموضوع التالي


1148 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى، فقد لغا رواه مسلم. 1149 - وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر رواه مسلم. 1150 - وعنه وعن ابن عمر رضي الله عنهم، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين رواه مسلم. 1151 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل متفق عليه. 1152 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم متفق عليه المراد بالمحتلم: البالغ والمراد بالوجوب: وجوب اختيار، كقول الرجل لصاحبه حقك واجب علي، والله أعلم. 1154 - وعن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى رواه البخاري.. 1156 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها. متفق عليه. 1157 - وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة رواه مسلم.