1204 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق الحانة وانتقاص الماء قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة قال وكيع وهو أحد رواته انتقاص الماء يعني الاستنجاء رواه مسلم. البراجم بالباء الموحدة والجيم وهي عقد الأصابع وإعفاء اللحية معناه لا يقص منها شيئا.. 1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى متفق عليه.
 
هذه بقية خصال الفطرة، وقد سبق حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس: الختان والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وذكرنا أن الأربعة التي سوى الختان لا تترك فوق أربعين يوما لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذلك.
أما حديث عائشة ففيه أن الفطرة عشر خصال منها ما سبق في حديث أبي هريرة ومنها ما ذكر في حديث عائشة دون حديث أبي هريرة فمن ذلك إعفاء اللحية فإنه من الفطرة وفي حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحى.
واللحية قال أهل اللغة إنها شعر الوجه واللحيين يعني: العوارض

وشعر الخدين فهذه كلها من اللحية وأما الشارب فقد سبق الكلام عليه وإعفاء اللحية يعني إرخاءها وإطلاقها وتركها على ما هي عليه هذا من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وعلى استحسانها وعلى أنها من علامة الرجولة بل ومن جمال الرجولة، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يحلق لحيته فإن فعل فقد خالف طريق النبي صلى الله عليه وسلم وعصى أمره ووقع في مشابهة المشركين والمجوس لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المجوس أو المشركين وفروا اللحى وحفوا الشوارب ولم يكن الناس يعرفون هذا يعني لم يكن المسلمون يعرفون حلق اللحية بل كان بعض الغلاة الظلمة إذا أرادوا أن يعزروا شخصا حلقوا لحيته وهذا حرام عليهم لأنه لا يجوز التعزير بمحرم لكن يقاس به أنهم كانوا يعدون حلق اللحية مثلة وتعزيرا وعذابا أما بعد أن استعمر الكفار ديار المسلمين في مصر والشام والعراق وغيرها وأدخلوا على المسلمين هذه العادة السيئة وهي حلق اللحية صار الناس لا يبالون بحلقها بل كان الذي يعفي لحيته مستنكرا من بعض البلاد الإسلامية وهذه لا شك أنها معصية للرسول صلى الله عليه وسلم ومن يعص الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله ومن يطع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله وإذا ابتلى الإنسان بأحد من أقاربه يحلق لحيته فالواجب عليه أن ينصحه ويبين له الحق أما هجره فهذا حسب المصلحة إذا كان هجره يفيد في ترك المعصية فليهجره وإن

كان لا يفيد أو لا يزيد الأمر إلا شدة فلا يهجره لأن الهجر دواء يستعمل حيث ينفع وإذا لم ينفع فإن الأصل تحريم هجر المؤمن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
ومما زيد في هذا الحديث الاستنشاق، الاستنشاق من الفطرة لأنه تنظيف وإزالة لما في الأنف فهو طهارة والاستنشاق يكون في الوضوء ويكون في غير الوضوء كلما احتجت إلى تنظيف الأنف فاستنشق الماء ونظف أنفك وهذا يختلف باختلاف الناس من الناس من لا يحتاج إلى هذا إلا في الوضوء ومن الناس من يحتاج إليه كثيرا ومن ذلك أيضا أي من سنن الفطرة المضمضة فإنها من الفطرة لأن فيها تنظيف الفم والفم يحتاج إلى تنظيف لأنه يمر به الأكل والدهن وما أشبه ذلك فيحتاج إلى تنظيف فكانت المضمضة من خصال الفطرة.
ومن ذلك أيضا الاستنجاء وقد فسر وكيع انتقاص الماء بأنه الاستنجاء لأن الاستنجاء تنظيف وتطهير وإزالة أذى.
ومن ذلك أيضا غسل البراجم، والبراجم قال العلماء إنها مسقط الأصابع فإن مسقط الأصابع من الباطن يحتاج إلى تنظيف أكثر من

ظاهرها لأن ظاهرها ممسوح ما فيه شيء يحتاج إلى تنظيف أكثر.
وفي هذا الحديث دليل على أن إعفاء اللحية مع كونه مخالفة للمشركين من خصال الفطرة فيندفع بذلك شبهة من شبه وقال: إن من الكفار اليوم من يعفي لحيته أفلا يليق بنا أن نخالفهم ونحلق اللحى؟ انظر والعياذ بالله من الشيطان.
فنقول: إن إعفاءهم اللحى تبع للفطرة ونحن مأمورون بالفطرة وإذا شابهونا هم بالفطرة فإنا لا نمنعهم ولا ينفع أن نعدل عن الفطرة من أجل أنهم وافقونا فيها كما أنهم إذا وافقونا في تقليم الأظفار فإننا لا نقول نترك تقليم الأظفار بل نقلمها وهكذا بقية الفطرة إذا وافقنا فيها الكفار فإننا لا نعدل عنها والله الموفق.
ولنعلم أن الإكثار من استخدام الماء في الوضوء أو الغسل داخل في قول الله تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله يكره الإسراف ولو كان على نهر جار فكيف إذا كان على مكائن تستخرج الماء فالحاصل أن الإسراف في الوضوء وغير الوضوء من الأمور المذمومة.

الموضوع السابق


1203 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب متفق عليه الاستحداد: حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج. 1204 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة قال وكيع وهو أحد رواته انتقاص الماء يعني: الاستنجاء رواه مسلم. البراجم بالباء الموحدة والجيم، وهي: عقد الأصابع وإعفاء اللحية معناه: لا يقص منها شيئا. 1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى متفق عليه.