باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها
 
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها.
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله , أن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والله سبحانه وتعالى يذكرها كثيرا مع الصلاة في القرآن الكريم، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله هل تاركها يكفر كما يكفر تارك الصلاة أم لا؟ على قولين.
والزكاة هي: التعبد لله تعالى في دفع مال مخصوص من أموال مخصوصة هذا المال المخصوص مقدر: ربع العشر، نصف العشر، العشر.
وكذلك يدفع لطائفة مخصوصة كما سيأتي إن شاء الله والزكاة لها فوائد عظيمة منها تكميل إسلام العبد لأنها أحد أركان الإسلام وهي أفضل من الصدقة يعني لو أدى الإنسان مائة ريال زكاة أو مائة ريال صدقة تطوع كانت مائة ريال الزكاة أحب إلى الله عز وجل وأفضل

ومنها أن الإنسان يخرج بها عن دارة البخلاء إلى دائرة الكرماء لأنها بذل مال والبخل إمساك المال فإذا بذلها الإنسان خرج من كونه بخيلا إلى كونه كريما ومنها مضاعفة الحسنات لأن الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله مثلهم كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة يعني: ريال بمائة ريال أو أكثر ومنها أن فيها جبرا لقلوب الفقراء ودفعا لحاجتهم وحماية من غضبهم لأن الفقراء إذا لم يعطوا من مال الأغنياء ربما يغضبون ويتجرءون ويكرهون الأغنياء ويرون أنهم في واد والأغنياء في واد والأمة الإسلامية أمة واحدة يجب أن يعتقد كل إنسان أنه لبنة في سور قصر مع إخوانه المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ومنها أنها سبب في شرح الصدر لأن الإنسان كلما بذل شيئا من ماله شرح الله له صدره وهذا شيء مجرب وواقع لو يتصدق الإنسان بأدنى من واجب الزكاة لوجد في صدره انشراحا وفي قلبه محبة للخير ومنها أنها تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء وهذه فائدة عظيمة تدفع ميتة السوء يعني الإنسان يموت على أحسن حال

وحسن الخاتمة أحسن الله لي ولكم الخاتمة أعز ما يكون على الإنسان لأنه وقت فراق الدنيا إلى الآخرة والشيطان أحرص ما يكون على بني آدم عند الموت لأنها هي الساعة الحاسمة إما من أهل النار أو من أهل الجنة وفي حديث ابن مسعود: إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها فالأعمال بالخواتيم والصدقة وعلى رأسها الزكاة تدفع ميتة السوء ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة فالناس تكون الشمس فوق رءوسهم قدر ميل وهؤلاء المتصدقون وعلى رأس صدقاتهم الزكاة يكونون في ظل صدقاتهم يوم القيامة.
وحكى لي بعض الصلحاء أن رجلا كان يمنع أهله من الصدقة من البيت يقول: لا تتصدقوا وفي يوم من الأيام نام ورأى في المنام كأن الساعة قد قامت ورأى فوق رأسه ظلا يظله من الشمس إلا أن فيه ثلاثة خروق يقول: فجاءت تمرات فسدت هذه الخروق فتعجب

كيف الثوب متخرق وتجيء التمرات تسد الخروق فلما قصها على زوجته أخبرته أنها تصدقت بثوب وثلاث تمرات فكان الكساء الأول هو الثوب لكنه مخرق فجاءت التمرات الثلاث فسدت الخروق ففرح بذلك وأذن لها بعد هذا أن تتصدق بما شاءت فالحاصل أن هذه الرؤيا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ومنها أنها تلين القلب وصدقات التطوع تلين القلب حيث إن الإنسان يعطيها الفقراء المحتاجين فيلين قلبه ويرحمهم وفي ذلك تعرض لرحمة الله لأن الله إنما يرحم من عباده الرحماء ولها فوائد كثيرة قد يطول في المقام ذكرها.
وسيأتي إن شاء الله الكلام على الآيات التي ذكرها المؤلف والله الموفق.

الموضوع السابق


1204 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق الحانة وانتقاص الماء قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة قال وكيع وهو أحد رواته انتقاص الماء يعني الاستنجاء رواه مسلم. البراجم بالباء الموحدة والجيم وهي عقد الأصابع وإعفاء اللحية معناه لا يقص منها شيئا.. 1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى متفق عليه.