قال الله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} .
 
قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها ثم ذكر آيات ثلاث الآية الأولى

وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فإقامة الصلاة أن تأتي بها مستقيمة على الوجه الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإيتاء الزكاة هو إعطاؤها لمستحقها وقد سبق بيان معنى الزكاة وبيان فوائدها ما يسر الله تعالى.
ثم ذكر الآية الثانية وهي قوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} {وما أمروا} يعني بذلك الناس {إلا ليعبدوا الله} أي يتذللوا له بالعبادة بكل ما تعبدهم به من عقيدة أو قول أو عمل {مخلصين له الدين} أي مخلصين له العمل وإخلاص العمل لله ألا يبتغي الإنسان شيئا بعلمه سوى الله عز وجل لا يبتغي به دنيا ولا جاها ولا رئاسة ولا غير ذلك لا يريد إلا ثواب الله وقوله {حنفاء} يعني مائلين عن الشرك إخلاص بلا إشراك وقوله {ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة} وهذا هو الشاهد في قوله {ويؤتوا الزكاة} وقوله {وذلك دين القيمة} {وذلك} أي عبادة الله تعالى مخلصين له الدين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة {دين القيمة} أي دين الملة القيمة فهو العمل المرضي عند الله عز وجل وقال سبحانه {خذ من أموالهم صدقة} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم {خذ من أموالهم صدقة} يعني بذلك الزكاة {تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم} تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة أما كونها تطهر من الذنوب فلقوله

صلى الله عليه وسلم: الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وأما كونها تطهر الأخلاق الرذيلة فلأنها تلحق الإنسان بالكرماء والمحسنين بما يبذله من أموال الزكاة لمستحقيها {وتزكيهم بها} أي تنمي أخلاقهم بعد التطهير من الأخلاق الرذيلة تنمي الأخلاق الفاضلة {وتزكيهم بها} تزكيهم أيضا دينا فهي تزكية دين وتزكية أخلاق {وصل عليهم} أي ادع لهم بالصلاة عليهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوما بصدقة قال لهم: اللهم صل عليهم امتثالا لأمر الله {إن صلواتك سكن لهم} صلاتك عليهم يعني دعاءك لهم بالصلاة مسكن لهم تسكن إليه نفوسهم وتطمئن قلوبهم وتنشرح صدورهم ويسهل عليهم بذل المال {والله سميع عليم} ففي هذه الآيات الثلاث دليل على وجوب الزكاة وأنها من أفضل الأعمال وسيأتي إن شاء الله الأحاديث.

الموضوع التالي


1206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه. 1207 - وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة قال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصيام شهر رمضان قال: هل علي غيره، قال: لا، إلا أن تطوع قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها قال: لا، إلا أن تطوع فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق متفق عليه. 1208 - وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم متفق عليه.