باب فضل تعجيل الفطر وما يفطر عليه وما يقوله بعد الإفطار 1233 - عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر متفق عليه. 1234 - وعن أبي عطية قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألو عن الخير: أحدهما يعجل المغرب والإفطار والآخر يؤخر المغرب والإفطار؟ فقالت: من يعجل المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله يعني ابن مسعود فقالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. رواه مسلم. قاله: لا يألوا أي لا يقصر في الخير. 1235 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: أحب عبادي إلى أعجلهم فطرا رواه الترمذي وقال: حديث حسن. 1236 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم متفق عليه. 1237 - وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم فلما غربت الشمس قال لبعض القوم: يا فلان انزل فاجدح لنا، فقال: يا رسول الله لو أمسيت؟ قال: انزل فاجدح لنا قال: إن عليك نهارا قال: انزل فاجدح لنا قال: فنزل فجدح لهم فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم وأشار بيده قبل المشرق متفق عليه. قوله: اجدح بجيم ثم دال ثم حاء مهملتين أي: اخلط السويق بالماء. 1238 - وعن سلمان بن عامر الضبي الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد، فليفطر على ماء فإنه طهور رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. 1239 - وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن..
 
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب فضل تعجيل الفطر وما يفطر به وما يقال عند الفطور.
هذه ثلاث مسائل المسألة الأولى: تعجيل الفطر لكن بشرط أن يتحقق غروب الشمس لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر بن الخطاب الذي ساقه المؤلف: (إذا أقبل الليل من هاهنا يعني من المشرق وأدبر النهار من هاهنا يعني من المغرب وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) فإذا بادر الإنسان بالفطر من حين أن يغرب قرص الشمس ولو كان البياض ظاهرا والشعاع في الأفق ما دام قرص الشمس قد غاب فأفطر وبادر وهذه هي السنة القولية والفعلية من الرسول صلى الله عليه وسلم أما الفعلية فدليلها حديث عائشة رضي الله عنها حين سألها عطية ومسروق عن رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما يؤخر الفطر ويؤخر صلاة المغرب والثاني يعجل الفطر ويعجل صلاة المغرب أيهما أصوب فقالت عائشة: من هذا؟ أي الذي يعجل قالوا: ابن مسعود رضي الله عنه فقالت: (هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل) يعني: يعجل الفطر ويعجل صلاة المغرب هذه سنة فعلية تدل على أن الأفضل تقديم الإفطار أما القولية فحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس

بخير ما عجلوا الفطر فما دام الناس يبادرون إلى السنة ويتسابقون إلى الخير فهم بخير لا يزالون بخير أما إذا تباطأوا ولم يفطروا مبادرين فإن ذلك هو الشر ولهذا كان الرافضة المخالفون لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخرون الفطور لا يفطرون إلا إذا اشتبكت النجوم فيحرمون من الأجر والثواب ويحرمون من تعجيل إعطاء النفوس حظوظها من الأكل والشرب يعذبون في الدنيا قبل الآخرة لأن الإنسان إذ تأخر وهو عطشان أو جائع يتألم أكثر فهم يؤلمون أنفسهم بتأخير الفطور ويخالفون السنة ويفوتهم الأجر.
ثم إن المؤلف رحمه الله ذكر أن الأفضل أن يفطر على رطب فإن لم يجد فتمر فإن لم يجد فماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطيبات قليلة لا يكثر لأنه لا ينبغي الإكثار عند الفطور فإن المعدة خالية فإذا أكثرت فهذا يضرك أعطها شيئا فشيئا قلل عند الفطور ولهذا ليس من الطب أن الإنسان إذا أفطر يتعشى مباشرة كما يفعل بعض الناس بل الطب يقتضي أن تعطي المعدة الشيء القليل لأنها خالية فكان عليه الصلاة والسلام يفطر على رطيبات فإن لم تكن فعلى تميرات فإن لم تكن حسا حسوات أو حسيات من ماء هكذا ينبغي أن تفطر على الرطب ثم التمر ثم الماء.
والرطب الآن والحمد لله موجود حتى في غير أيام الصيف فالناس يدخرون الرطب الآن في الثلاجات ويبقى مدة فالأفضل أن تفطر على الرطب فإن لم يكن عندك شيء فالتمر

فإن لم يكن عندك تمر فالماء فإن قال قائل ليس عندي رطب ولا تمر ولكن عندي خبز وماء أيهما أفطر عليه؟ أفطر على الماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك وقال: (إنه طهور) يطهر المعدة والكبد فلذلك أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نفطر على الماء وإنما قدم الرطب والتمر لأنه أنفع للبدن من الماء لأنه حلوى وغذاء وقوة وقد قال أهل الطب: (إن الحلاوة التي في التمر هي أسرع شيء يتقبله الجسم من أنواع الحلوى وإنها تسري إلى العروق فورا) وهذا من حكمة الله عز وجل فهذا الذي ينبغي أن تفطر عليه رطب فإن لم تجد فتمر فإن لم تجد فماء فإن لم تجد ماء فما تيسر من مأكول أو مشروب فإن لم تجد كما لو كنت في البر وليس عندك شيء فقال بعض العوام: (امصص إصبعك) وهذا غلط إذا لم تجد فتكفي النية في القلب وإذا عثرت على مطعوم أو مشروب بعد ذلك فافعل أما مص الإصبع فليس له أصل تحذلق عامي وقال: اتفل في ثوبك ثم امصص الريق أي: كأنه يجعل مثل الماء وهذا أيضا غلط كل هذا ليس بمشروع ولكن إن تيسر لك ما تفطر عليه فهذا هو المطلوب وإلا فانتظر حتى ييسر الله وانو بقلبك.
وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم قال بعض أهل العلم فقد أفطر يعني: وإن لم ينو الفطر يعني فقد انتهى صيامه وأفطر حكما وقال بعضهم فقد أفطر أي: فقد حل له الفطر لكن لا شك أنك إذا نويت الفطر إذا ما لم يكن عندك ما تأكله وتشربه فهو أحسن وأفضل حتى تكون مبادرا إلى الإفطار بالنية لعدم القدرة

على الأكل والشرب والله الموفق.

الموضوع السابق


باب فضل السحور وتأخيره ما لم يخش طلوع الفجر 1229 - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسحروا فإن في السحور بركة متفق عليه. 1230 - وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قيل: كم كان بينهما قال: قدر خمسين آية متفق عليه. 1231 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا. متفق عليه. 1232 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور رواه مسلم.