كتاب الحج قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} . 1271 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان متفق عليه. 1272 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل: أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال: ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه رواه مسلم.
 
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب وجوب الحج وفضله.
الحج: هو قصد مكة للتعبد لله سبحانه وتعالى بأداء المناسك وهو أحد

أركان الإسلام بإجماع المسلمين ودليل فرضه قول الله تبارك وتعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين.
وهذه الآية نزلت في العام التاسع من الهجرة وهو العام الذي يسمى عام الوفود وبها فرض الحج أما قوله تعالى في سورة البقرة: {وأتموا الحج والعمرة لله} ففيها فرض الإتمام لا فرض الابتداء ففرض الابتداء كان في السنة التاسعة في آية سورة آل عمران وأما فرض الاستمرار والإتمام فكان في آية البقرة في سنة ست من الهجرة.
قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} على الناس يعني على جميعهم لكن الكافر لا نأمره بالحج حتى يسلم وأما المسلم فنأمره بأن يحج بهذا الشرط الذي اشترطه الله عز وجل {من استطاع إليه سبيلا} يعني: من استطاع أن يصل إلى مكة فمن لم يستطع لفقره فلا حج عليه ومن لم يستطع لعجزه نظرنا فإن كان عجزه لا يرجى زواله وعنده مال وجب أن يقيم من يحج عنه.
وإن كان يرجى زواله كمرض طارئ طرأ عليه في أيام الحج فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ثم يحج بنفسه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس وقد سبق الكلام عليه فلا حاجة إلى الإعادة والشاهد من هذا قوله: وحج البيت الحرام والحج لا يجب إلا مرة إلا إذا نذر الإنسان أن يحج فليحج لكن بدون نذر لا يجب إلا مرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل في كل عام قال: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم

الحج مرة فما زاد فهو تطوع وهذا من نعمة الله عز وجل أنه لم يفرضه إلا مرة واحدة في العمر وذلك لأن غالب الناس يشق عليهم الوصول إلى مكة وهذه من الحكمة تجد الصلوات الخمس مفروضة كل يوم الجمعة مفروضة في الأسبوع مرة لأن الجمعة يجب أن تكون في مسجد واحد فقط في البلد كله وهذا قد يكون فيه مشقة لو قلنا للناس اجتمعوا في مسجد واحد كل يوم خمس مرات فيه مشقة ولهذا لم تفرض الجمعة إلا في الأسبوع مرة.
الزكاة لم تجب إلا في السنة مرة الصيام لم يجب إلا في السنة مرة الحج لا يجب إلا في العمر مرة وهذا من حكمة الله تعالى ورحمته حيث جعل هذه الفرائض مناسبة لأحوال العباد.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال عليه الصلاة والسلام ذروني ما تركتكم يعني: لا تسألوا عن أشياء أنا ساكت عنها ما دمت ساكت عن الشيء فاسكتوا عنه لأن أعظم الناس جرما من سأل عن مسألة حلال فحرمت من أجل مسألته أو عن مسألة غير واجبة فوجبت من أجل مسألته.
لكن بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لا بأس أن يسأل الناس العلماء عن أمور دينهم لأن الشرع انتهى ما في تحليل ولا تحريم ولا إيجاب ولا إسقاط.
فهذا هو مراد الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تسأل ولا تقل: {ولا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم} اسأل.
ثم بين الرسول عليه الصلاة والسلام: أن ما أهلك الذين من قبلنا كثرة مسألهم واختلافهم على أنبيائهم يعني أنهم يسألون يسألون فهلكوا وانظر إلى

أصحاب البقرة حين قال لهم موسى عليه الصلاة والسلام اذبحوا بقرة وخذوا جزءا منها واضربوا به القتيل وكان القتيل من بين قبيلتين أو طائفتين قتل فادعت إحدى الطائفتين على الأخرى أنها قتلته فأنكروا وهو ميت وليس يوجد شهود.
فجاءوا إلى موسى عليه الصلاة والسلام فأمرهم بأمر الله أن يذبحوا بقرة لو ذبحوا أي بقرة تلك الساعة لحصل لهم المقصود لكن جعلوا يسألون: ما هي ما لونها ما هي حتى شددوا فشدد الله عليهم فذبحوها وما كادوا يفعلون.
فالحاصل أن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك وهذا كله كما قلت في عهد النبوة عهد التشريع.
أما الآن فاسأل عن كل ما تحتاج إلى السؤال عنه ولا حرج عليك.
أما أغلوطات المسائل وألغاز المسائل والأشياء التي يقصد بها التشدد والتعنت فهذه منهي عن السؤال عنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون والله أعلم.

الموضوع التالي


1273 - وعنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال: إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا قال: الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا قال: حج مبرور متفق عليه. المبرور هو الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية. 1274 - وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه متفق عليه. 1275 - وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة متفق عليه. 1276 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد فقال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور رواه البخاري. 1276 - وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة رواه مسلم. 1277 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عمرة في رمضان تعدل عمرة أو حجة معي متفق عليه.