1388 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر رواه أبو داود والترمذي.
 
ساق المؤلف رحمه الله في باب فضل العلم تعلما وتعليما لله حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وقد سبق بيان معنى هذه الجملة وفيه أيضا من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في البحر وهذا يدل على فضل العلم وأن العلماء يستغفر لهم أهل السماء والأرض وحتى الحيتان في البحر وحتى الدواب في البر كل شيء يستغفر له & ولا تستغرب أن تكون هذه الحيوانات تستغفر الله عز وجل للعالم لأن الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم على لسان موسى عليه الصلاة والسلام ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى فالبهائم والحشرات تعلم ربها عز وجل وتعرفه {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} كل شيء يسبح بحمد الله حتى إن الحصى سمع تسبيحه بين يدي النبي

وهو حصى لأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه حتى إن الله قال للسماوات والأرض {ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} فخاطبهما {ائتيا طوعا أو كرها} يعني لما أمر كما به قالتا أتينا طائعين فكل شيء يمتثل أمر الله عز وجل إلا الكفرة من بني آدم والجن ولهذا قال الله عز وجل في كتابه العزيز بين أن كثيرا من الناس يسجد لله عز وجل وكثيرا حق عليه العذاب {ألم ترى أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب} ما يسجد ولهذا الكافر لا يستجيب لله لا يسجد لله شرعا وتعبدا لكنه يسجد لله ذلا قدريا ما له مفر عما قضى الله كما قال الله تعالى {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها} والسجود هنا السجود القدري فكل أحد خاضع لقدر الله ما أحد يستطيع أن يغالب الله عز وجل أين المفر يقول الشاعر
أين المفر والإله الطالب ...
والأشرم المغلوب ليس الغالب
فالسجود الشرعي كثير من الناس حق عليهم العذاب فلم يسجدوا على أن الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب كلها يسجد لله عز وجل لكن الكفرة من بني آدم ومن الجن لا يسجدون لله تعالى إلا السجود

الكوني القدري {ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها} المهم أن الله تعالى سخر هذه الكائنات تستغفر للعالم وأفضل من ذلك أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع.
الملائكة الكرام الذين كرمهم الله عز وجل تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع أترون فضلا أعظم من هذا أن الملائكة ملائكة الله عز وجل تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع هذا فضل عظيم وبين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي الدرداء أن العلماء ورثة الأنبياء لو سألت من الذي يرث الأنبياء العباد الذين يركعون ويسجدون ليلا ونهارا لا أقارب الأنبياء لا لا يرث الأنبياء إلا العلماء اللهم اجعلنا منهم العلماء هم ورثة الأنبياء ورثوا العلم من الأنبياء وورثوا العمل كما يعمل الأنبياء وورثوا الدعوة إلى الله عز وجل وورثوا هداية الخلق ودلالتهم على شريعة الله فالعلماء هم ورثة الأنبياء الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا توفي النبي صلى الله عليه وسلم عن ابنته فاطمة وعن عمه العباس وعن أبناء عمه وعن زوجاته ولم ترثه ابنته ولا زوجاته ولا عصبته لأن الأنبياء لا يورثون درهما ولا دينارا وهذا من حكمة الله عز وجل أنهم لا يورثون لئلا يقول قائل إن النبي إنما ادعى النبوة لأجل أن يملك فيورثوا فيرثه أقاربه من ذلك فقطع هذا وقيل النبي لا يرثه ابنه وأما قول زكريا {فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} فالمراد بذلك إرث العلم والنبوة وليس المال فالأنبياء لا يورثون

ما ورثوا درهما ولا دينارا إنما ورثوا هذا العلم صلوات الله عليه هذا أعظم ميراث فمن أخذه أخذ بحظ وافر أي بنصيب وافر كثير من أخذ بهذا الإرث واسأل الله أن يجعلني وإياكم من آخذيه هذا هو الإرث الحقيقي النافع العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم.
أليس الإنسان يسعى من شرق الأرض إلى مغربها من أجل أن يحصل على مال خلفه أبوه له وهو متاع دنيا فلماذا لا نسعى من مشارق الأرض ومغاربها إلى أخذ العلم الذي هو ميراث من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جدير بنا أن نسعى بكل ما نستطيع لأخذ العلم الموروث عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولو لم يكن من فضل العلم إلا أن العالم كلما عمل شيئا فهو يشعر مع إخلاصه لله عز وجل يشعر بأن إمامه محمد صلى الله عليه وسلم لأنه يعبد الله على بصيرة عندما يتوضأ يشعر كأن الرسول أمامه يتوضأ الآن يتبعه تماما وكذلك في الصلاة وغيرها من العبادات لو لم يأتك من فضل العلم إلا هذا لكان كاف فكيف وهذا الفضل العظيم في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه فالمهم أن الإنسان الذي يمن الله عليه بالعلم فقد من الله عليه بما هو أعظم من الأموال والبنين والزوجات والقصور والمراكب وكل شيء

اللهم ارزقنا علما نافعا & وعملا صالحا ورزقا طيبا واسعا تغننا به عن خلقك إنك على كل شيء قدير.