1392 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا متفق عليه
 
ساق المؤلف الإمام النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب فضل العلم تعلما وتعليما لله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الرجال ففي هذا الحديث إشارة إلى أن العلم سيقبض ولا يبقى في الأرض عالم يرشد الناس إلى دين الله فتتدهور الأمة وتضل بعد ذلك ينزع منهم القرآن ينزع من الصدور ومن المصاحف كما قال أهل السنة إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود قالوا معنى وإليه يعود أي يرجع إلى الله

عز وجل في آخر الزمان حين يهجره الناس هجرا تاما لا يقرؤونه ولا يعملون به ونظير ذلك الكعبة المشرفة حماها الله عز وجل لما أراد أبرهة أن يهدمها وقدم إليها بفيل عظيم وجنود كبيرة حماها الله عز وجل منه وأنزل الله في ذلك سورة كاملة ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول طيور أرسلها الله عز وجل أبابيل يعني جماعات متفرقة كل واحد في منقاره وبين رجليه حجارة من سجيل يعني من طين صلب فكانت هذه الطيور بأمر الله ترسل هذه الحجارة على هؤلاء الجنود حتى أنها تضرب الرجل من رأسه وتخرج من دبره نعوذ بالله حتى جعلهم كعصف مأكول يعني كعصف الزرع الذي أكلته البهائم واختلط بعضه ببعض لكن في آخر الزمان إذا انتهك الناس حرمة هذا البيت واكثروا فيه من المعاصي وغير ذلك مما يعد امتهانا لحرمته سلط الله عليهم رجلا من الحبشة أفحج الرجلين قصير فينقضها حجرا حجرا يأتي إليها بجنود فينقضها يهدمها حجرا حجرا إذا نزع الحجر أعطاه أحد الجنود ثم التالي الذي بجنبه من مكة إلى البحر يتمادون حجارتها حتى تهدم عن آخرها فانظر كان في الأول حماها الله عز وجل من أولئك الكفرة لأنه يعلم أنه سيبعث فيها رسولا ينقل الناس من الضلال والظلم والشرك إلى الهدى والعدل والتوحيد.
لكن في آخر الزمان عندما ينتهك الناس هذه الحرمة ترفع من مكانها يسلط الله عليها بحكمته من يهدمها

ولا أحد يقول شيء ولا أحد يعارض هذا الرجل والله عز وجل بحكمته يمكنه من ذلك كذلك القرآن الكريم ينتزع من الصدور ومن المصاحف ويرفع إلى الرب عز وجل لأنه كلامه منه بدأ وإليه يعود العلم أيضا لا ينتزع من صدور الرجال لكنه يقبض بموت العلماء يموت العلماء الذين هم علماء حقيقة ولا يبقى عالم فيتخذ الناس رؤساء يعني يتخذ الناس من يترأسهم ويستفتونه لكنهم جهال يفتون بغير علم فيضلون ويضلون والعياذ بالله وتبقى الشريعة بين هؤلاء الجهال يحكمون بها بين الناس وهم جهلة لا يعرفون فلا يبقى عالم وحينئذ لا يوجد الإسلام الحقيقي الذي يكون مبنيا على الكتاب والسنة لأن أهله قد قبضوا وفي هذا الحديث حث على طلب العلم لأن الرسول أخبرنا بهذا لأجل أن نتحاشى ونتدارك هذا الأمر ونطلب العلم وليس المعنى أنه أخبرنا لنستسلم فقط لا من أجل أن نحرص على طلب العلم حتى لا نصل إلى الحال التي وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم والإخبار بالواقع لا يعني إقراره يعني إذا أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء ليس معناه أنه يقره ويسمح فيه كما أخبر عليه الصلاة والسلام وأقسم قال لتركبن سنن من كان قبلكم يعني لتركبن طرق من كان قبلكم قالوا اليهود والنصارى قال نعم اليهود والنصارى فأخبر أن هذه الأمة سوف ترتكب ما كان عليه اليهود والنصارى إخبار تحذير لا إخبار تقرير وإباحة فيجب أن نعلم الفرق بين ما يخبر به الرسول مقررا له ومثبتا له

وما يخبر به محذرا عنه فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن العلماء سيموتون ويعني ذلك أن نحرص حتى ندرك هذا الوقت الذي يموت به العلماء ولا يبقى إلا هؤلاء الرؤساء الجهال الذين يفتون بغير علم فيضلون بأنفسهم ويضلون غيرهم اللهم إنا نسألك علما نافعا وعملا صالحا ورزقا طيبا واسعا.