1448 - وعنه عن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده رواه مسلم. 1449 - وعن أبي واقد الحارث بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها وأما الآخر فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله وأما الآخر فاستحيي فاستحيي الله منه وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه متفق عليه. |
هذان الحديثان من الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله في كتابه (رياض الصالحين) فالأول أخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وهذا يدل على فضل الاجتماع على ذكر الله عز وجل ولا يلزم من هذا أن
يذكروا الله بصوت واحد بل الحديث مطلق لكن لم يعهد عن السلف أنهم يذكرون ذكرا جماعيا كما يفعله بعض أهل الطرق من الصوفية وغيرها وفيه أن هؤلاء المجتمعين تنزل عليهم السكينة والسكينة هي طمأنينة القلب وخشوعه وإنابته إلى الله عز وجل وتغشاهم الرحمة أي تحيط بهم من كل جانب فيكونون أقرب إلى رحمة الله عز وجل وحفتهم الملائكة أي كانوا حولهم يحفون بهم إكراما لهم ورضا بما فعلوا وذكرهم الله فيمن عنده أي في الملأ الأعلى وقد مر علينا أن الله تعالى قال من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم. وأما الحديث الثاني ففيه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع أصحابه في المسجد فأقبل ثلاثة نفر يعني ثلاثة رجال أما أحدهم فولي وأعرض ولم يأت إلى الحلقة وأما الثاني فوجد في الحلقة فرجة فجلس وأما الثالث فجلس خلف الحلقة كأنه استحيا أن يزحم الناس وأن يضيق عليهم فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بنبأ القوم أما أحدهم فأوى إلى الله فأواه الله عز وجل وهو الذي جلس فأواه الله عز وجل إليه لأنه كان صادق النية في الجلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم فيسر الله له وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه لأنه ما زاحم ولا تقدم وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه لم يوفقه لأن يجلس مع هؤلاء القوم البررة الأطهار. وفي هذا الحديث إثبات الحياء لله عز وجل ولكنه ليس كحياء المخلوقين بل هو حياء الكمال يليق بالله عز وجل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله حيي كريم وقال الله تعالى والله لا يستحي من الحق والله سبحانه وتعالى يوصف بهذه الصفة لكن ليس مثل المخلوقين لأن الله سبحانه وتعالى يقول في القرآن {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فكلما مر عليك صفة من صفات الله مشابهة لصفات المخلوقين في اللفظ فاعلم أنهما لا يستويان في المعنى لأن الله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فإذا مر بك مثلا أن الله استوى على العرش فلا تظن أن استواءه على العرش كاستوائك أنت على ظهر البعير الذي قال فيه {إذا استويتم عليه} وإذا قال الله تعالى {بل يداه مبسوطتان} فلا تظن أن يدي الله جل وعلا مثل يديك لأن الله ليس كمثله شيء فجميع صفاته هو منفرد بها وكما أننا نوحده في ذاته ونوحده في العبادة كذلك نوحده في صفاته {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} . |