1507 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: لما حضرت أحد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن علي دينا فاقض، واستوص بأخواتك خيرًا: فأصبحنا، فكان أول قتيل، ودفنت معه آخر في قبره، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته غير أذنه، فجعلته في قبر على حدة رواه البخاري.
 
سبق لنا بيان شيء من كرامات الأولياء التي ذكرها المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب كرامات الأولياء وفضلهم، وذكر في هذا الحديث ما جرى لعبد الله بن حرام رضي الله عنه والد جابر بن عبد الله، فإنه أيقظ ابنه جابراً ليلة من الليالي

وقال: ما أراني إلا أول قتيل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك قبيل غزوة أحد، ثم أوصاه وقال: إني لن أترك من بعدي أحدًا أعز منك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوصاه بأن يقضي ديناً كان عليه وأوصاه بأخواته ثم كانت الغزوة فقاتل رضي الله عنه (عبد الله بن حرام) وقتل، وكان القتلى في ذلك اليوم سبعين رجلاً فكان يشق على المسلمين أن يحفروا لكل رجل قبرًا، فجعلوا يدفنون الاثنين والثلاثة في قبر واحد، فدفن مع أبي جابر (عبد الله بن حرام) رجل آخر، ولكن جابر رضي الله عنه لم تطب نفسه حتى فرق بين أبيه وبين من دفن معه، فحفره بعد ستة أشهر من دفنه فوجده كأنه دفن اليوم، لم يتغير إلا شيء في أذنه، شيئاً يسيرا، ثم أفرده في قبر، أما جابر رضي الله عنه فقد وفى دين أبيه واستوصى بأخواته خيراً حتى إنه تزوج بعد ذلك - أعني جابرًا - فقد تزوج بعد ذلك وتزوج امرأة ثيبًا فسأله النبي صلى الله عليه وسلم هل تزوجت؟ قال: نعم قال: بكرًا أم ثيبًا؟ قال: ثيبًا، قال: فهلا تزوجت بكرًا تلاعبك وتلاعبها، وتضاحكك وتضاحكها فقال: يا رسول الله إن أبي ترك أخوات لي وذكر أنه أخذ الثيب لتقوم عليهن (لتقوم على خدمتهن) .
في هذا الحديث كرامة لأبي جابر وهو عبد الله بن حرام أنه رضي الله عنه صدق الله رؤياه فصار أول قتيل في أحد، دفن ولم تأكل الأرض منه شيئاً إلا يسيراً وقد مضى عليه ستة أشهر وهذا من كراماته.
واعلم أن الإنسان إذا دفن فإن الأرض تأكله لا يبقى إلا عجب الذنب، وعجب الذنب هذا يكون كالنواة لخلق الناس يوم القيامة، تنبت منه الأجساد، إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإن الأرض لا تأكلهم، كما

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) أما غير الأنبياء فإن الأرض تأكل أجسادهم، ولكن قد يمنع الله الأرض أن تأكل أحدًا كرامة له والله الموفق

الموضوع السابق


1506 - وعن عروة بن الزبير أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، رضي الله عنه خاصمته أروى بنت أوس إلى مروان بن الحكم، وادعت أنه أخذ شيئاً من أرضها، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلمًا طوقه إلى سبع أرضين فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة، فاعم بصرها، واقتلها في أرضها، قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت متفق عليه. وفي رواية لمسلم عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بمعناه وأنه رآها عمياء تلتمس الجدر تقول: أصابتني دعوة سعيد، وأنها مرت على بئر في الدار التي خاصمته فيها، فوقعت فيها، وكانت قبرها.