باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة 1551 - عن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه وهو من أهل بيعة الرضوان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملكه ولعن المؤمن كقتله متفق عليه.
 
قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب تحريم لعن المعين من آدمى أو دابة اللعن معناه: الطرد والإبعاد عن رحمة الله فإذا قلت: اللهم العن فلانا، فإنك تعني أن الله يبعده ويطرده عن رحمته والعياذ بالله.
ولهذا كان لعن المعين من كبائر الذنوب، يعني لا يجوز أن تلعن إنسانا بعينه، فتقول اللهم العن فلانا أو تقول لعنه الله عليك، أو ما أشبه ذلك حتى لو كان كافرا وهو حي فإنه لا يجوز أن تلعنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يقول: اللهم العن فلانا، اللهم العن فلانا يعينهم قال الله له: ليس لك من الامر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ومن الناس من تأخذه الغيرة فيلعن الرجل المعين إذا كان كافرا وهذا لا يجوز، لأنك لا تدري لعل الله أن

يهديه وكم من إنسان كان من أشد الناس عداوة للمسلمين والإسلام هداه الله وصار من خيار عباد الله المؤمنين، ونضرب لهذا مثلا: عمر بن الخطاب الرجل الثاني بعد أبي بكر في هذه الأمة، كان من ألد أعداء الإسلام ففتح الله عليه فأسلم.
خالد بن الوليد كان يقاتل المسلمين في أحد وهو من جملة من كر عليهم وداهمهم، عكرمة بن أبي جهل.
وغيرهم من كبار الصحابة الذين كانوا من أول ألد أعداء المسلمين فهداهم الله عز وجل.
ولهذا قال: {ليس لك من الامر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} أما إذا مات الإنسان على الكفر وعلمنا أنه مات كافرا فلا بأس أن نلعنه لأنه ميئوس من هدايته والعياذ بالله لأنه مات على الكفر.
ولكن ما الذي نستفيده من لعنه ربما يدخل هذا - أعني لعنه - في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا ونحن نقول لهذا الرجل الذي يلعن الكافر أو الذي مات على الكفر نقول: إن لعنك إياه لا فائدة منه في الواقع، لأنه قد استحق الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فليس من أهل رحمة الله أبدا، بل هو من أصحاب النار هم فيها خالدون وكذلك أيضا البهائم لا يجوز أن تلعن البهيمة: البعير، الحمار، بقرة، شاة، لا يجوز أن تلعنه، وسيأتي إن شاء الله في الأحاديث ما يبين حكم ذلك.
ثم ذكر المؤلف حديث أبي زيد ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف علي يمين بملة غير الإسلام وهو فيها كاذب متعمدا فهم كما

قال مثال ذلك إذا قال الإنسان: هو يهودي أو نصراني إن كان كذا وكذا وكان الأمر على خلاف ما يقول فإنه كما قال، يعني أنه يهودي أو نصراني - نسأل الله العافية - مثال هذا أخبرنا رجل جاء إلينا وقال: إنه قدم فلان أمس قلنا ما هو صحيح قال هو يهودي إن كان ما قدم فتبين أنه لم يقدم والرجل قال: هو يهودي متعمدا، فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كما قال عن نفسه أي أنه يصير يهوديا أو نصرانيا وهذا يدل على أن الحلف بمله غير الإسلام كاذبا متعمدا من كبائر الذنوب، فإن كان غير كاذب بأن كان صادقا فإنه لا يلحقه هذا الوعيد، لكننا نقول له إذا كنت حالفا فاحلف بالله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت وكذلك إن كان قال ذلك غير متعمد بأن يظن أن الأمر كذلك، وتبين أن الأمر على خلاف ما اعتقد فإنه لا يدخل في هذا الوعيد، ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا حلف بالله على شيء معتقدا أنه كما حلف ثم تبين أنه على خلاف اعتقاده فإنه لا إثم عليه ولا كفارة عليه، مثال ذلك: لو قال: فلان سيقدم غدا متأكد يقول: إني متأكد والله ليقدمن غدا، قال ذلك بناء على ظنه ثم لم يقدم فلا كفارة عليه لأنه حلف على ظنه غير متعمد، ولذلك أقر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قال: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منه يعني ما بين لابتي المدينة أهل بيت أفقر منه، مع

أن هذا الرجل لم يأت على كل البيوت يفتش فيها لكن حلف على غالب ظنه، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وسيأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث

الموضوع السابق


باب بيان تغليظ تحريم شهادة الزور قال الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور} ، وقال تعالى: {لا تقف ما ليس لك به علم} ، وقال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ، وقال تعالى: {إن ربك لبالمرصاد} ، وقال تعالى: {والذين لا يشهدون الزور} 1550 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت متفق عليه.