ولعن الله من ذبح لغير الله وأنه قال: من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين وأنه قال: اللهم العن رعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله وهذه ثلاث قبائل من العرب:
 
هؤلاء ثلاثة أنواع ممن يجوز لعنهم على سبيل العموم وقد سبق أنه لا يجوز لعن المعين ولو كان كافر لأنه لا يجوز أن تقول اللهم العن فلانا وإن كان كافر لكن على العموم وزدت أحاديث في أصناف متعددة سبق منها ما سبق ويلحق منها ما يلحق إن شاء الله ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله لعن الله من ذبح لغير الله وذلك أن الذبح لغير الله شرك لأنه عبادة والعبادة إذا صرفها الإنسان لغير الله كان مشركا قال الله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وقال تعالى: {فصل لربك وانحر} فأمر بالصلاة وأمر بالنحر وأن ذلك لله عز وجل فكما أن من صلى لغير الله فهو مشرك فمن ذبح لغير الله فهو مشرك وهذا إذا وقع الذبح عبادة وتقربا وتعظيما أما إذا وقع الذبح لغير الله على سبيل الإكرام كإكرام الضيف مثلا لو نزل بك ضيف فذبحت له ذبيحة من أجل أن تقدمها له ليأكلها فلا بأس بل هذا مما يؤمر به لقول النبي

صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيقه وإذا كان من إكرام الضيف أن تذبح له ذبيحة إكراما لقدومه فهذا مما يؤمر به وتارة يذبح لغير الله يعني لقصد الأكل إنسان يريد أن يأكل لحما فذبح ذبيحة يريد بها الأكل هذا أيضا ليس بشرك هذا أمر عادي يأكل الإنسان طعاما لكن الشرك إذا ذبحه تعبدا وتقربا وتعظيما مثل ما يفعل بعض الناس لملوكهم أو رؤسائهم أو علمائهم إذا أقبل ذبحوا الذبيحة بوجهه إكراما وتعظيما هذا شرك أكبر مخرج من الملة وهذا مع كونه شركا حرم الله على فاعله الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار هو أيضا ملعون فاعله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله ومن ذلك أيضا ما ذكره بقوله: من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين من أحدث فيها أي في المدينة حدثا أو آوى محدثا، والحدث هنا يراد به شيئا، الأول: البدعة فمن ابتدع فيها بدعة فقد أحدث فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة فمن أحدث فيها حدثا أي ابتدع في دين الله ما لم يشرعه الله في المدينة فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين يعني استحق أن يلعنه كل لاعن والعياذ بالله لأن المدينة مدينة السنة مدينة النبوة فكيف يحدث فيها حدث مضاد لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم والنوع الثاني من الحدث الفتنة أن يحدث فيها فتنة بين المسلمين سواء أدت إلى إراقة الدماء أو إلى ما دون ذلك من العداوة والبغضاء والتشتت فإن من أحدث هذا الحدث فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أما من أحدث

معصية عصى الله فيها في المدينة فإنه لا ينطبق عليه هذا الوعيد بل يقال إن السيئة في المدينة أعظم من السيئة فيما دونها ولكن صاحبها لا يستحق اللعن الذي يستحق اللعن هو الذي أحدث فيها واحدا من أمرين إما بدعة وإما فتنة هذا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين الثالث اللهم العن رعلا وذكوان وعصية عصوا الله ورسوله هؤلاء قبائل من العرب حصل منهم عدوان على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم باللعنة اللهم العنهم ولم يلعن شخصا معينا بل لعن القبيلة كلها والمراد من حدث منهم هذا الحدث وهو الاعتداء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أظن أن من لم يفعل ذلك تلحقه هذه اللعنة لقول الله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} والله الموفق