باب كراهية عودة الإنسان في هبة لم يسلمها إلى الموهوب له 1612 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه متفق عليه وفي رواية: مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيئ ثم يعود في قيئه فيأكله وفي رواية العائد في هبته كالعائد في قيئه 1613 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه متفق عليه قوله: حملت على فرس في سبيل الله معناه تصدقت به على بعض المجاهدين
 
هذا الباب ذكر المؤلف رحمه الله فيه ما يدل على تحريم الرجوع في الهبة يعني أنك إذا أعطيت إنسانا شيئا مجانا تبرعا من عندك فإنه لا يحل لك أن ترجع فيه سواء كان قليلا أم كثيرا لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه العائد في هبته بالكلب الكلب يقيء ما في بطنه ثم يعود فيأكله وهذا تشبيه قبيح شبه النبي صلى الله عليه وسلم العائد في هبته بهذا تقبيحا له وتنفيرا منه ولا فرق بين أن يكون الذي وهبته من أقاربك أو من الأباعد عندك فلو وهبت لأخيك شيئا ساعة أو قلما أو سيارة أو بيتا فإنه لا يحل لك أن ترجع فيه إلا أن ترضي لنفسك أن تكون كلبا ولا أحدا يرضي لنفسه أن يكون كلبا وكذلك الابن لو وهب لأبيه شيئا فإنه لا يرجع فيه كرجل غني له أب فقير فوهبه بيتا فإنه لا يجوز له أن يرجع في الهبة ولو كان أباه أما العكس لو أن الرجل وهب ابنه شيئا فلا بأس أن يرجع فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد فيما يعطي ولده لأن الوالد له الحق أن يأخذ من

مال ولده الذي لم يهبه له ما لم يضره ثم ذكر أيضا حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه حمل على فرس في سبيل الله يعني أعطى رجلا فرسا يقاتل عليه فأضاعه الرجل وأهمله فظن عمر رضي الله عنه أنه يبيعه برخص وأنه ليس قادرا على تحمل مؤونته فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تشتره ولو أعطاكه بدرهم لأنك أخرجته لله ولا يمكن للإنسان أن يشتري صدقته لأن ما أخرجه الإنسان لله لا يعود فيه ولهذا قال: العائد في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه فتركه عمر رضي الله عنه هذا إذا قبض الموهوب له الهبة أما قبل قبضها فهذا لا يحرم عليه أن يعود لكن يوفي بوعده كما لو قال شخص لآخر سوف أعطيك ساعة مثلا ولكنه لم يسلمها له فله أن يرجع لكن ينبغي أن يفي بوعده لأن الذي لا يفي بما وعد فيه خصلة من خصال النفاق ولا يجوز للإنسان أن يتحلى بخصال المنافقين والله الموفق

الموضوع التالي


باب تأكيد تحريم مال اليتيم قال الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} وقال تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} وقال تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح} 1614 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات متفق عليه الموبقات المهلكات