1617 - وعنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها قال فما علمت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت العلم وعلمته وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار رواه مسلم جريء بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد أي: شجاع حاذق
 
أما حديث أبي هريرة الثاني في ذكر أول من يقضي عليه يوم القيامة وهم ثلاثة أصناف: متعلم ومقاتل ومتصدق المتعلم تعلم العلم وعلم القرآن وعلم ثم إن الله سبحانه وتعالى

أتي به إليه سبحانه وتعالى يوم القيامة فعرفه الله نعمته فعرفها وأقر واعترف فسأله ماذا صنعت يعني في شكر هذه النعمة، فقال: تعلمت العلم وقرأت القرآن فيك فقال الله له: كذبت، ولكن تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ ليس لله بل لأجل الرياء، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار، وهذا دليل على أنه يجب على طالب العلم في طلب العلم أن يخلص نيته لله عز وجل وألا يبالي أقال الناس أنه عالم أو شيخ أو أستاذ أو مجتهد أو ما أشبه ذلك لا يهمه هذا الأمر، لا يهمه إلا رضا الله عز وجل حفظ الشريعة وتعليمها ورفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن عباد الله حتى يكتب من الشهداء الذين مرتبتهم بعد مرتبة الصديقين.
{ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} وأما من تعلم لغير ذلك، ليقال إنه عالم وإنه مجتهد وإنه علامة وما أشبه لك من الألقاب فهذا عمله حابط والعياذ بالله، وهو أول من يقضى عليه ويسحب على وجهه في النار ويكذب يوم القيامة ويوبخ، أما الثاني فهو رجل مقاتل، قاتل في سبيل الله وقتل، فلما كان يوم القيامة أتي به إلى الرب عز وجل فعرفه نعمه فعرفها يعني النعم أنه سبحانه وتعالى مده وأعده ورزقه وقواه حتى وصل إلى هذه المرتبة إلى أن قاتل، ثم سئل ماذا صنعت فيها؟ فيها: قال يا رب قاتلت فيك، فيقال: كذبت، قاتلت من أجل أن يقال فلان شجاع جرئ وقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه في النار والعياذ بالله وهكذا أيضاً المقاتل في سبيل الله المقاتلون في سبيل الله لهم نوايا متعددة من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، كما

قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن قاتل وطنية ففي سبيل الطاغوت، ومن قاتل حمية على قومية فهو في سبيل الطاغوت ومن قاتل لينال دنيا فهو في سبيل الطاغوت، لأن الله يقول {الذين آمنوا يقاتل في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت} لكن لو قاتل الإنسان قومية أو وطنية، لا من أجل القومية ولا الوطنية، ولكن من أجل حماية وطنه المسلم أن يعتدي عليه الكفار فهذا في سبيل الله، لأن حماية بلاد المسلمين ثمرتها أن تكون كلمة الله هي العليا، وكذلك حماية المسلمين ثمرتها أن تكون كلمة الله هي العليا ولكن لو أن الإنسان قاتل ليقتل فقط في هذا القتال، هل يكون في سبيل الله؟ الجواب: لا، وهذا نية كثير من الشباب يذهبون لأجل أن يقتلوا ويقولوا نحن نقتل شهداء، فيقال لا، أنتم اذهبوا لتقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا ولو بقيتم، لا تذهبون لأجل أن تقتلوا لكن لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا وحينئذ إن قتلتم في هذا السبيل فأنتم في سبيل الله أما الثالث فرجل أنعم الله عليه بالمال وصار يتصدق ويعطي وينفق فإذا كان يوم القيامة أتي به إلى الله وعرفه نعمه فعرفها ثم سأله ماذا صنعت فيها؟ فيقول: تصدقت وفعلت وفعلت، فيقال: كذبت ولكنك فعلت ليقال فلان جواد يعني كريماً، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه في النار

هذا أيضاً من الثلاثة الذين تسعر بهم النار يوم القيامة وفي هذا دليل على أنه يجب على الإنسان أن يخلص النية لله في جميع ما يبذله من مال أو بدن أو علم أو غيره، وأنه إذا فعل شيئاً مما يبتغي به وجه الله تعالى وصرفه إلى غير ذلك، فإنه آثم به والله الموفق.