1619 - وعن جندب بن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع سمع الله به، ومن يرائي الله يرئي به متفق عليه ورواه مسلم أيضاً من رواية ابن عباس رضي الله عنهما سمع بتشديد الميم، ومعناه: أشهر عمله للناس رياء سمع الله به أي: فضحه يوم القيامة، ومعنى من راءى أي من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم راءى الله به أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق. 1620 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها رواه أبو داود بإسناد صحيح والأحاديث في الباب كثير مشهورة
 
نقل المؤلف رحمه ما بقي من أحاديث الرياء التي سبقت، عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به يعني من قال قولا يتعبد به الله ورفع صوته بذلك حتى يسمعه الناس ويقولون فلان كثير الذكر كثير القراءة وما أشبه ذلك فإن هذا قد سمع عباد الله يرائي بذلك نسأل الله العافية سمع الله به أي فضحه وكشف أمره وبين عيبه للناس وتبين لهم أنه مرائي والحديث لم يقيد هل هو في الدنيا أو في الآخرة فيمكن أن يسمع الله به في الدنيا فيكشف عيبه عند الناس ويمكن أن يكون ذلك في الآخرة وهو أشد والعياذ بالله وأخزى كما قال الله تعالى ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون وكذلك من راءى راءى الله به يعني من عمل عملا ليراه الناس ويمدحوه عليه فإن الله تعالى يرائي به ويبين عيبه للناس ويفضحه والعياذ بالله حتى يتبين أنه يرائي وفي هذا الحديث التحذير العظيم من الرياء وأن المرائي مهما كان ومهما اختفى لابد أن يتبين والعياذ بالله لأن الله تعالى تكفل بهذا من سمع سمع

الله به ومن راءى راءى الله به.
وأما حديث أبي هريرة فهو فيمن طلب علما مما يبتغي به وجه الله وذلك هو العلم الشرعي علم الكتاب والسنة إذا طلب الإنسان علما من علم الكتاب والسنة لا يريد إلا أن ينال به عرض من الدنيا لم يجد عرف الجنة يعني ريحها وأن ريحها سيوجد من مسيرة كذا وكذا فمثلا لو أن إنسان تعلم علم العقائد لأجل أن يقال فلان جيد في العقيدة أو لأجل أن يوظف أو ما أشبه ذلك أو علم الفقه أو علم التفسير أو علم الحديث ليرائي به الناس فإنه لا يجد ريح الجنة والعياذ بالله يعني يحرم دخولها

وأما العلوم التي ليست مما يبتغى بها وجه الله كعلوم الدنيا كعلم الحساب والهندسة والبناء لو تعلمه الإنسان يريد عرضا من الدنيا فلا شيء عليه لأن هذا العلم دنيوي يراد للدنيا والحديث الذي فيه الوعيد مقيد بالعلم الذي يبتغي به وجه الله فإن قال قائل كثير من الطلبة الآن يدرسون في الكليات يريدون الشهادة الشهادة العليا فيقال إنما الأعمال بالنيات إذا كان يريد بالشهادات العليا أن ينال الوظيفة والمرتبة فهذا أراد به عرضا من الدنيا وإن أراد بذلك أن يتبوأ مكانا لينفع الناس ليكون مدرسا ليكون مديرا ليكون موجها فهذا خير ولا بأس به لأن الناس أصبحوا الآن لا يقدرون الإنسان بعلمه وإنما يقدرونه بشهادته فإذا قال قائل مثلا لو أبقيت بدون شهادة مهما بلغت من العلم لن يجعلوني معلما لكني أتعلم وآخذ شهادة لأجل أن أكون معلما أنفع المسلمين فهذه نية طيبة وليس فيها شيء والله الموفق.