باب ما يتوهم أنه رياء وليس رياء 1621 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل الذي يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه قال تلك عاجل بشرى المؤمن رواه مسلم.
 
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب ما يتوهم أنه رياء وليس هو رياء يعني ما يظنه الإنسان أنه رياء ولكن ليس برياء ثم ذكر حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يعمل العمل فيحمده الناس على ذلك فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن أن الناس يثنون عليه وصورة المسألة التي في الحديث أن الرجل يعمل عملا صالحا لله لا يبالي أعلم به الناس أم لم يعلموا أرأوه أم لم يروه أسمعوه أم لم يسمعوه لكنه لله يعمل خالصا ثم إن الناس يحسدونه على ذلك يقولون فلان كثير الخير فلان كثير الطاعة فلان كثير الإحسان إلى الخلق وما أشبه ذلك فقال تلك عاجل بشرى المؤمن وهو الثناء عليه لأن الناس إذا أثنوا على الإنسان خيرا فهم شهداء الله في أرضه ولهذا لما مرت جنازة من عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أثنوا عليها خيرا قال وجبت ثم مرت أخرى فأثنوا عليها شرا قال وجبت فقالوا يا رسول الله ما

وجبت قال أما الأول فوجبت له الجنة وأما الثاني فوجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض فهذا معنى قوله تلك عاجل بشرى المؤمن والفرق بين هذه وبين الرياء أن المرائي لا يعمل العمل إلا لأجل الناس ليراه الناس فيكون في نيته شرك شرك مع الله غيره وأما هذا فنيته خالصة لله عز وجل ولم يطرأ على باله أن يمدحه الناس أو يذموه لكن الناس يعلمون كما قال الشاعر
ومهما تكن عند امرء من خليقة ...
وإن خالها تخفى على الناس تعلمي
يعني أي شيء خلق عند الإنسان يقوم به وإن ظن أن الناس لا يعلمون فإنهم لابد أن يعلموه فإذا علموا بطاعته ومدحوه وأثنوا عليه فهذا ليس برياء هذا عاجل بشرى المؤمن حيث إن الناس أثنوا عليه خيرا ومن أثنى الناس عليه خيرا فحري بأن يكون من أهل الجنة أما المرائي والعياذ بالله فإنه إن صلى يريد من الناس أن يعلموا بذلك إن تكلم بخير أراد من الناس أن يسمعوه ليمدحوه على هذا والفرق بين هذا وبين ما ذكر في حديث أبي هريرة اليوم فرق عظيم نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الرياء وأن يعيذنا من سوء الفتن إنه على كل شيء قدير.

الموضوع السابق


1619 - وعن جندب بن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع سمع الله به، ومن يرائي الله يرئي به متفق عليه ورواه مسلم أيضاً من رواية ابن عباس رضي الله عنهما سمع بتشديد الميم، ومعناه: أشهر عمله للناس رياء سمع الله به أي: فضحه يوم القيامة، ومعنى من راءى أي من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم راءى الله به أي: أظهر سريرته على رؤوس الخلائق. 1620 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها رواه أبو داود بإسناد صحيح والأحاديث في الباب كثير مشهورة