باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة قال الله تعالى {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} 1655 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهينا عن التكلف رواه البخاري 1656 - وعن مسروق قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم الله أعلم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} رواه البخاري
 
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين باب النهي عن التكلف التكلف معناه تكلف الشيء ومحاولة معرفته وإظهار الإنسان بمظهر العالم وليس كذلك ثم ذكر المؤلف قوله تعالى قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أي لا أسألكم على ما جئت به من الوحي أجرا تعطونني إياه وإنما

أدلكم على الخير وأدعوكم إلى الله عز وجل وهكذا الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم يقولون لأصحابهم {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} أي من الشاقين عليكم أو القائلين بلا علم بل إنه عليه الصلاة والسلام كان يقول ويؤيده الله على قوله بإقراره عليه ثم حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال نهينا عن التكلف والناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا قال الصحابي نهينا فإن هذا له حكم الرفع يعني كأنه قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليه يكون هذا الناهي هو الرسول صلى الله عليه وسلم نهينا عن التكلف أن يتكلف الإنسان ما لا علم له به ويحاول أن يظهر بمظهر العالم العارف وليس كذلك ثم ذكر حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الإنسان إذا سئل عما لا يعلم فلا يتكلم ويأتي بجواب لا يدري أهو صحيح أم لا ولكن لا يقول إلا ما علم به فإذا سئل عن شيء لا يعلمه فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول الإنسان لما لا يعلم الله أعلم ووصف هذا رضي الله عنه بالعلم لأن الذي يقول لا أعلم وهو لا يعلم هو العالم حقيقة هو الذي علم قدر نفسه وعلم منزلته وأنه جاهل فيقول لما لا يعرف الله أعلم ثم أن الإنسان إذا قال لما لا يعلم الله أعلم ولم يفت به يثق الناس به ويعلمون أن ما أفتى به فهو عن علم وما لم يعلمه يمسك عنه وأيضا إذا قال الإنسان لما لا يعلم الله أعلم عود نفسه الرضوخ للحق وعدم التصدر للفتوى وهذا خلافا لبعض الناس اليوم تجده يرى أن الفتوى ربح بضاعة فيفتي بعلم وبغير علم ويفتي بنصف علم ولهذا قال

شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الفتوى الحموية كانوا يقولون ما أفسد الدنيا والدين إلا أربعة نصف متكلم نصف فقيه نصف لغوي نصف طبيب أما المتكلم فإنه أفسد الأديان والعقائد لأن أهل الكلام الذين نالوا من الكلام شيئا ولم يصلوا إلى غايته اغتروا به وأما أهل الكلام الذين وصلوا إلى غايته فقد عرفوا حقيقته ورجعوا إلى الحق ونصف فقيه يفسد البلدان لأنه يقضي بغير الحق فيفسد البلدان فيعطي حق هذا لهذا وهذا لهذا ونصف نحوي لأنه يفسد اللسان لأنه يظن أنه أدرك قواعد اللغة العربية فيلحن فيفسد اللسان ونصف طبيب فيفسد الأبدان لأنه لا يعرف فربما يصف دواء يكون داء وربما لا يصف الدواء فيهلك المريض فالحاصل أنه لا يجوز للإنسان أن يفتي إلا حيث جازت له الفتوى وإن كان الله تعالى قد أراد أن يكون إماما للناس يفتيهم ويهديهم إلى صراط مستقيم فإنه سيكون وإن كان الله لم يرد ذلك فلن يفيده تجرأة في الفتوى..
ثم استدل ابن مسعود رضي الله عنه بقوله تعالى {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} والله الموفق

الموضوع السابق


باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره 1652 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون متفق عليه. 1653 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم قال إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها متفق عليه 1654 - وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غطوا الإناء وأوكئوا السقاء وأغلقوا الأبواب وأطفئوا السراج فإن الشيطان لا يحل سقاء ولا يفتح بابا ولا يكشف إناء فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ويذكر اسم الله فليفعل فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيوتهم رواه مسلم الفويسقة الفأرة وتضرم تحرق