باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفع به 1722 - عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل بوجه الله إلا الجنة رواه أبو داود 1723 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين
 
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله غير الجنة وجه الله تعالى وصفه الله تعالى بأنه ذو الجلال والإكرام قال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام كل من على البسيطة فإنه فان زائل لكن يبقى وجه الله عز وجل {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} ولهذا قال بعض العلماء ينبغي أن يصل قوله {ويبقى وجه ربك} بما قبله حتى يتبين كمال الله عز وجل وأنه يستحيل عليه الفناء بل هو الباقي الذي لا يزول فوجه الله تعالى عظيم وأعظم ما يسأله المرء الجنة قال الله تعالى {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} نسأل الله أن يجعلنا منهم هذا الفوز الأعظم الذي لا يدانيه أي فوز {فمن زحزح عن النار

وأدخل الجنة فقد فاز} نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم فلما كانت الجنة أعظم مسئول يعني مسئول به يعني أعظم ما يسأله الإنسان هو الجنة صار لا يسأل بوجه الله إلا الجنة فلا تسأل بوجه الله شيء من أمور الدنيا لا تقبل الله أني أسألك بوجهك أن تعطيني بيتا أسكنه أو سيارة أركبها أو ما أشبه ذلك لأن وجه الله أعظم من أن يسأل به شيء من الدنيا الدنيا كلها دنيئة كلها فانية كلها لا خير فيها إلا ما يقرب إلى الله عز وجل وإلا فهي خسارة قال تعالى {والعصر إن الإنسان لفي خسر} العصر يعني الدهر وهو الدنيا أقسم بالعصر أن كل إنسان في خسر لا يستفيد من عصره إلا من جمع هذه الصفات الأربع {إلا الذين آمنوا} واحد {وعملوا الصالحات} اثنين {وتواصوا بالحق} ثالث يعني أوصى بعضهم بعضا بالحق والرابع {وتواصوا بالصبر} أي بالصبر على الحق والدعوة إليه والصبر على أقدار الله وغير ذلك فالمهم لا تسأل بوجه الله إلا الجنة وكذلك ما يقرب إلى الجنة، فلك أن تسأل بوجه الله النجاة من النار اللهم إن أسألك بوجهك أن تنجني من النار لأنه إذا نجا الإنسان من النار لابد أن يدخل الجنة ما في ثلاثة دور ما في إلا داران فقط دار الكفار وهي النار أعاذنا الله وإياكم منها ودار المؤمنين المتقين وهي الجنة فإذا قلت أسألك بوجهك أن تجيرني من النار فلا بأس

لأن الله متى أجارك من النار أدخلك الجنة وهذا الحديث إسناده ضعيف ولكن معناه صحيح لا ينبغي أن تسأل بوجه الله العظيم إلا بشيء عظيم أما حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استعاذ بالله فأعيذوه يعني معناه إذا قال أحد لك أعوذ بالله منك فأعذه وأتركه كما فعلت امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم فلما دنا منها قالت أعوذ بالله منك جاهلة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد عذتي بمعاذ إلحقي بأهلك وتركها لأنها استعاذت بالله منه فإذا استعاذ أحد بالله منك فأعذه إلا إذا استعاذ عن حق واجب فإن الله لا يعيذه لو أنه كان مطلوبا لك فسألته حقك قلت أعطني حقي فقال أعوذ بالله منك فهنا لا تعذه لأن الله تعالى لا يعيذ عاصيا لكن إذا كان الأمر ليس محرما فاستعاذ بالله منك فأعذه تعظيما لله عز وجل ومن سأل بالله فأعطه لو سألك سائل فقال أسألك بالله أن تعطيني كذا وكذا أعطه إلا إذا سألك شيئا محرما فلا تعطه مثلا أن يسألك يقول لك أسألك بالله أن تخبرني ماذا تصنع مع أهلك مثلا هذا لا يجوز أن تخبره بل وجهه وأنصحه وقل هذا تدخل فيما لا يعنيك وقد قال

النبي صلى الله عليه وسلم من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وكذلك لو سأل محرما ولو سألك بالله لا تعطه لو قال أسألك بالله أن تعطيني كذا وكذا ليشتري به دخانا فلا تعطه لأنه سألك ليستعين به على شيء محرم فالمهم أن من سألك بالله فأعطه ما لم يكن على شيء محرم وكذلك ما لم يكن عليك ضرر فإن كان عليك ضرر فلا تعطه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه يعني إذا صنع إليك أحد معروفا إما بمعونة في شيء أو باستخدامك إياه في شيء من الأشياء أو غير ذلك فكافئه أعطه ما تظن أنه يكافئ معروفه فإن لم تجد ما تكافئه أو كان ممن لا يحسن مكافأته كالملك والوزير والرئيس وما أشبه ذلك فأدعو له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه ومن دعاكم فأجيبوه من دعاك إلى بيته إلى وليمة قليلة أو كثيرة فأجبه لكن هذا مشروط بما إذا لم يكن عليك ضرر فإن كان عليك ضرر فلا تجبه أو كان هذا الرجل ممن يهجر فلا تجبه أيضا أو كان هذا الرجل في ماله حرام ورأيت أنه من المصلحة ألا تجيبه لعله يقلع عن الحرام فلا تجبه أما في وليمة العرس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من لم يجب فقد عصى الله ورسوله إذا دعاك الزوج لوليمة العرس فأجبه ما لم يكن عليك ضرر أو يكن هناك منكر فإن كان عليك ضرر فلا يلزمك إجابته وإن كان هناك منكر فإن كنت تستطع أن تغيره فأجب وغير وإلا فلا تجب والله الموفق